فاتح عبد السلام
لتكن المقارنة، هكذا، لماذا لم يحدث أن قصفت طائرة مسيرة أو صاروخ باليستي سيارة أو مقراً في عاصمة عربية سوى بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء؟
الجواب الإعلامي السهل، هو انّ هذا هو “المحور الإيراني” الذي يواجه القوات الامريكية وحلفاءها في المنطقة العربية والخليج، ولابدّ ان تقع مثل هذه الهجمات والضربات بين فترة وأخرى.
هذا توصيف لظاهر الصورة، لكن في العمق يبرز سؤال اخر هو: لماذا تستثني الهجمات صاحبة وقائدة المحور نفسها، وتلاحق أطرافه فقط؟
ويأتينا جواب اعلامي سهل آخر، يفيد بأنّ الولايات المتحدة قررت وأعلنت انها لا تريد توسيع الحرب التي تدور في غزة لتشمل المنطقة، او لتشمل إيران تحديدا، فهي الدولة الإقليمية الأكبر والتي تكدس السلاح الثقيل والتكنولوجيا العسكرية منذ خروجها من الحرب مع العراق العام ر1988 وحتى اليوم.
غير انّ الأسئلة الأصعب يجري تحاشيها في الصيغ السياسية والسيادية والدستورية، واهمها هو كم دولة أعلنت صراحة وبقرارات من برلماناتها او حكوماتها انها تنضوي تحت لواء مشروع ايران” المقاوم” للقوات الامريكية في المنطقة؟ واذا كانت الإجابات غامضة او متداخلة بعض الشيء في القرارات والمواقف الصادرة عن سوريا واليمن كونهما كانتا في غمار حرب طويلة وصعبة، فإنّ العراق يمتلك برلماناً، أقرّ تشريعاً يطلب فيه انسحاب القوات الأجنبية من العراق وليس الامريكية فقط، وها هو لايزال يتفاوض مع اللجنة الامريكية المختصة، لكنه لم يقر قانوناً او يصدر قرارات مدعومة من أصحاب التشريع أو التنفيذ تفيد بانضواء العراق كدولة تحت لواء المحور الإيراني « المقاوم» للأمريكان.
هناك مَن يقول انّ الانتماء الى المحور الإيراني يحتاج أفعالاً على الأرض وليست تشريعات داعمة، لكن هذا الكلام يتنافى مع وجود وضع سياسي معين في العراق، هو نتاج حرب أمريكية لم تبق ولم تذر حدثت قبل عشرين عاماً من اجل إقامة نظام سياسي جديد، ينعم « المقاومون الجدد» اليوم بخيراته وامتيازاته ومناصب حكمه. وبذلك يكون الخروج من سياق الإرادة الامريكية التي فرضت بالتغيير في العراق خارطة جديدة للمنطقة بما يتفق مع حليفتها إسرائيل، نوعا من الحرب المفتوحة مع الولايات المتحدة التي لا تزال تمسك بإيرادات النفط العراقي. اذا كنتم تدركون هذه الحقيقة وتعملون ضدها، فذلك امر مختلف تماماً لكن عليكم تنصيص ذلك في التشريعات، وليس هو مزاج فرض إرادة مجموعة على دولة.
في السياسة الدولية، من الممكن تقديم المصالح الذاتية على أي محور مهما كان قوياً ومؤثراً، ومن هنا ظهرت سياسة النأي بالنفس عن المحاور التي نسمع بها في عناوين الاخبار العراقية ،ولم تطبق حتى الآن.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية