تسير الصين – صحبة روسيا الغارقة مؤقتاً بوحل أوكرانيا – بقوة وثبات وهدوء نحو موقعها الطبيعي كقوة عظمى من أجل عالم متوازن عادل متعدد الأقطاب ، وهي في هذا الطريق المتحقق عملياً على الأرض تحتاج إلى ذراع اعلامية متكاملة ومؤثرة تخاطب العالم عموماً والعرب خصوصاً ، كما هو حال أذرع الدعاية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية والروسية التي انتبهت مؤخراً لهذا الأمر الحيوي الهام .
هنا بوطننا العربي الكبير تكاد الناس لا تعرف شيئاً عن الوجه الآخر للصين المتعلق بباب الأدب والفنون الجميلة كلها ، وتخلو المكتبة العربية من أي نتاج لشعراء وقصاصين وروائيين ورسامين ونحاتين ومغنين وموسيقيين صينيين ، بعكس أمريكا ومعظم الدول الأوربية .
وعلى الرغم من أن الصين الشعبية قد ظهرت بقوة في عهد الزعيم ماو تسي تونغ وقدمت نفسها تالياً كقطب عالمي مؤثر واحتلت مقعداً دائماً بمجلس الأمن ، إلا أنها لم تكن جزءاً مؤثراً في ما صار يعرف بالحرب الباردة بين الغرب الرأسمالي الذي تقوده أمريكا وبين الإتحاد السوفيتي البائد الذي سقط وتفكك بنهاية ثمانينات القرن الفائت بالسكتة الدماغية .
لقد عملت الدعاية الغربية المتطورة ومنصات الدعاية والإعلام الفتاك الذي تمتلكه على تشويه سمعة بلاد العم ماو وخاصة في مجال الإقتصاد والتصنيع ، حيث واجهت تمدد الصين في الصناعة والتجارة مع بلدان العالم الأفقر بإطلاق شائعة أن البضاعة الصينية الرخيصة غير معمرة وتنطوي على الكثير من العطب ، حتى صارت الناس بحكم العادة والإنقياد تصف الهاتف والحذاء والراديو والتلفاز والسيارة السيئة بأنها صينية وحسب !!
لكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً ، حيث صار واضحاً أمام الدول النامية والفقبرة خاصة بأن بكين تريد التعاون معك والمتاجرة وتقدم لك النصح لكي تنمو كدولة ولا ترغب في احتلال أرضك وقتل شعبك وحياكة المؤامرات لتبديل نظام الحكم في البلدان المختلفة ، كما هو الحال الذي تصنعه حتى الآن أمريكا الوغدة التي تنشر الموت والفساد والفتن في الدول التي تحتلها أو تلك التي تضربها بصورة غير مباشرة بما تسميه الفوضى الخلاقة !!
العالم يتبدل حقاً وأرض القطب الواحد إلى زوال وسيحدث هذا في الزمن المنظور ، ومهما بلغت قوة الثور الهائج ففي النهاية سيتلقى السهم ويسقط قبل نطح القماشة الحمراء .