الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حوار مباح لزمن مستباح

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

حوار مباح لزمن مستباح

محمد صاحب سلطان

 

أحد الأصدقاء ممن ينطبق عليه توصيف (الفيلسوف)، سألني مرة، لماذا الإنسان عندما يرى صورة تجمعه بآخرين، فأن عينيه أول ما تبصر صورته هو بالذات؟، أهو حب النفس، أم مقارنة زمنية، كيف كان وكيف أصبح؟، أم استرجاع لذكريات تركت ثقبا بداخله، أم ماذا؟.

قلت:ربما تصرفه يشكل تحصيل حاصل لكل ما ذكرت ، فالناس لديهم فضول عارم لرؤية وجوههم، فالصور كما قال بعض العارفين، أزمنة أخترعت كخديعة ذكية، كي يوهم المرء نفسه، بأنه أخذ من الزمن الذي عاشه، لحظة هاربة، تعد له ملمحا شاخصا يبقيه زواده لقادم أيامه، لم يقتنع صديقي بما سمع، بدليل تشديده لاحقا على قول، كل ما يرى في الكون، جامدا أو متحركا، حيا أو ميتا، إنعكاسه يعد لغة خاصة به، حتى الدموع هي في الأصل لغة، وإلا لما قسمها الناس إلى دموع للحزن ودموع للفرح، وهنا أحسست، بإننا دخلنا في متاهة حوار قد لا ينتهي بقناعة مشتركة، وربما يوصلنا إلى صورة خلاف، يجرنا إلى قطيعة محاججة غير راغبين في الوصول إليها ،ولكي أحول مسار الحديث لجهة أخرى، أخف وطأة من شرب شاي من دون سكر!، بادرته قائلا: وما رأيك بمفهوم الطيبة كسلوك إنساني، أهو صورة لإنعكاس واقع مجتمعي أم صورة فردية؟، فتهلهلت أسارير وجهه، وكأن ما طرحته، أشبه بماء بارد أطفأ ظمأ عطش حواره، فأسهب: أحب الطيبين الذين تظهر ملامح طيبتهم في تعاملاتهم العفوية وأفعالهم التلقائية، الذين لا يحملون في قلوبهم مثقال ذرة غل أو حقد أو حسد، من الذين يؤمنون بإن الخير واسع ويكفي الجميع ، وإن الحياة تسمو بالرحمة والتسامح والتواضع، فهم بسمة الحياة وجمالها الصادق، فطيبة الناس من أجمل الصفات التي يمكن أن يتحلى بها المرء، وهي دليل على نقاء القلب وصفاء النية، بيد أن الخير لا يزال يسكن النفوس، مهما كثر الزيف من حولنا، فالطيبة ليست ضعفا كما يظن البعض، وأضنك لست منهم، بل هي قوة هادئة، يملكها من يستطيع أن يعفو وهو قادر على العقاب، وأن يبتسم برغم الأذى، وأن يمنح من دون إنتظار مقابل، ولكن الطيبة- وهنا شدد على مخارج لفظها - تحتاج إلى حكمة حتى لا تستغل، فأن تكون طيبا، لا يعني أن تسمح للآخرين بتجاوز حدودهم، بل أن تقدم الخير بوعي، وتعرف متى تقول (نعم) ومتى تقول (لا)، وعلينا تذكر أن الطيبة ليست سذاجة، بل رقي في التعامل، ونقاء في القلب، ووعي في العقل.

قلت: أفحمتني بالإجابة، ولكن ماذا عن صحبة الأخيار ولم وصفتهم بالطيبين، قال: سأردد على مسمعك، شيئا من تجربة شخصية، إنطبعت في ذاكرتي منذ سنين طويلة، عن صحبة الأخيار، من خلال تمعني بجوهر كلام عظيم قاله الإمام علي بن أبي طالب، نصه (صحبة الأخيار تكسب الخير، كالريح إذا ما مرت بالطيب، حملت طيبا)، فما أصدق هذه الكلمات ،وما أعمق معناها، فالناس معادن، وصحبة النفوس الطيبة أشبه بالمسير في بستان معطر، حتى إن لم تقطف شيئا ، عادت عليك برائحة الطيب، وبذا حين تحاط بأشخاص يحملون قيما صافية ونيات طيبة ونفوسا نقية، فإنك تلقائيا تصبح أفضل، ليس لإنهم يغرونك بالقوة، بل لأن صحبتهم تلهمك وتحفزك وتذكرك دوما، بأن الخير رذاذه ينعش، لذلك إدعو القارئ من خلال المقالات التي تكتبها، بحسن الإختيار لمن يرافق، فالاختيار ليس ترفا، بل مصير، أختر من يدفعك إلى أمام لا لا من يسحبك نحو الخلف، وإذا صادفت شخصاً صالحا،فتمسك به، فالأخيار يعينوك على الخير، ويرفعونك إذا تعثرت، ويحبون لك ما يحبونه لإنفسهم، مجالستهم تطهر النفس، وتغرس فيك المعاني النبيلة من صدق وتواضع وأمانة وإخلاص،، وو.. إنتهى الكلام والسلام!!.

 


مشاهدات 50
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/11/22 - 12:47 AM
آخر تحديث 2025/11/22 - 2:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 103 الشهر 15526 الكلي 12677029
الوقت الآن
السبت 2025/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير