الإقليم يسلّم قوائم الرواتب الشهرية إلى بغداد لغرض تأمين الصرف
خبير يرجّح تضخّماً وشيكاً ويقترح تفكيك هيمنة الدولة على السوق
بغداد - قصي منذر
رجّح الوزير الأسبق والخبير الاقتصادي لؤي الخطيب، إن تواجه الحكومة المقبلة أعباء اقتصادية بالغة الصعوبة، مؤكداً أن إنجاز أي إصلاح مالي أو إداري سيكون مرتبطاً جذرياً بالإصلاح السياسي الذي عُطِّل لسنوات طويلة، برغم أن الفرصة الذهبية كانت متاحة قبل 15 أو 20 عاماً حين كانت الوفرة المالية والسيولة النقدية في أعلى مستوياتها. وقال الخطيب في تصريح أمس إن (الاعتماد على الاقتصاد الريعي وبقايا النظام الاشتراكي دفع الحكومات المتعاقبة والكتل إلى تضخيم الموازنات التشغيلية وتوسيع القطاع العام بشكل مفرط)، وأضاف إن (عدد موظفي الدولة عام 2003 كان أقل من مليون موظف، بينما تجاوز الان أكثر من ثمانية ملايين بين موظف ومشمولين بالرعاية الاجتماعية والمتقاعدين وكلف التعويضات، وهو ما أثقل الموازنة، ولاسيما مع تكرار انهيار أسعار النفط إلى حدود 55 دولاراً أو أقل، وهو السعر الذي يكاد يقتصر اليوم على تغطية الرواتب دون غيرها)، مشيراً إلى إن (الحكومة المقبلة تحتاج إلى فريق اقتصادي مهني بمعايير عالمية ورؤية واضحة وقيادة تدرك حجم المسؤولية، إلى جانب كتل داعمة قادرة على تمرير القرارات الاقتصادية الشاقة)، وأوضح الخطيب إن (عدد السكان تضاعف خلال 22 عاماً من 25 إلى أكثر من 47 مليون نسمة، ما زاد كلفة إدارة الدولة وفرض ضرورة تنويع الاقتصاد ومراجعة التعرفة والضرائب وأسعار الوقود والطاقة والمياه وجميع أبواب الدولة الخدمية)، ولفت إلى (أهمية مراجعة قيمة العملة والسياسة النقدية، بما في ذلك خيارات التعويم الذكي أو حذف الأصفار ومعالجة التضخم)، وشدد على القول إن (هذه الملفات لا تُلقى على عاتق شخص واحد بل تتطلب توافقات سياسية واسعة)، داعياً إلى (ضرورة حملة إعلامية كبرى وتفهّم مجتمعي، لأن مراجعة الدعم وفرض الضرائب ستولد إشكالات اجتماعية لدى مواطنين اعتادوا نمطاً معيناً من الإدارة الاقتصادية)، مستذكراً إن (راتب الموظف قبل 2003 كان ثلاثة دولارات فقط، بينما الان يتراوح بين 300 و400 دولار)، مؤكداً إن (الإصلاحات يجب أن تستمر عبر الحكومات المتعاقبة دون أن تعود كل واحدة إلى نقطة الصفر)، مبيناً إن (التداول السلمي للسلطة يعني استكمال ما بُني وتطويره، لا نسفه والبدء من جديد)، كاشفاً عن (مقترحات إصلاحية كثيرة جرى تعطيلها سابقاً بسبب اعتراض نواب وسياسيين حتى دون مناقشتها في مجلس الوزراء)، ومضى إلى القول إن (الكل يريد دولة تشبه دول الخليج في الرفاهية، ودول الغرب في اقتصادها، وفي الوقت نفسه يريد الإبقاء على مزايا الاقتصاد الاشتراكي والريعي، وهذا تناقض لا يمكن أن ينتج دولة ناجحة)، مضيفاً إن (ملف الفساد بات ثقافة، وإن أخطر أنواعه هو الفساد المقنّن القائم على هيمنة القطاع العام واحتكار العقود التشغيلية، وتهميش القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، برغم إن الدستور ينص على اقتصاد السوق)، وأشار الخطيب إلى إن (الهيمنة الحكومية هي الفساد الأكبر، ضارباً مثالاً بالولايات المتحدة التي لا تمتلك فيها الحكومة شركة نفط واحدة، برغم إنتاجها 15 مليون برميل يومياً، وتعتمد في اقتصادها الذي يبلغ 30 تريليون دولار على القطاع الخاص والضرائب)، داعياًَ إلى (إنشاء نظام ضريبي متين ومراجعة أبواب الدعم وخلق بيئة تنافسية تنقل المواطن من خانة الاعتماد على الدولة إلى خانة الإنتاج، ولاسيما إن المادة 111 من الدستور التي تنص على أن النفط والغاز ملك للشعب العراقي، يجب أن تُترجم إلى صناديق سيادية حقيقية تحفظ حقوق الأجيال، وهو ما لم يتحقق حتى الآن)، مطالباً بـ (صياغة رؤية وطنية طويلة المدى على غرار رؤية السعودية 2030، بدلاً من البرامج الحكومية القصيرة التي تتغير كل أربع سنوات)، وحذر الخطيب من إن (التفاخر بخلق مليون وظيفة، هو في الحقيقة رشا، تستحق المحاسبة لأنها تعمق التدهور الاقتصادي). إلى ذلك، قدمت وزارة المالية والاقتصاد في اقليم كردستان، قوائم رواتب شهر تشرين الثاني الماضي الخاصة بالموظفين والعاملين في القطاع العام بالاقليم الى وزارة المالية الاتحادية لغرض تمويلها. وقالت الوزارة في بيان أمس إن (الفريق الفني لوزارة المالية والاقتصاد في الإقليم قدمت قوائم رواتب شهر تشرين الثاني الماضي الى دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية)، وأضاف إن (ذلك يأتي لغرض تمويلها).