الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عن التمدن والتخلف .. علاقة المرأة بالرجل نموذجا

بواسطة azzaman

عن التمدن والتخلف .. علاقة المرأة بالرجل نموذجا

هند النعيمي

 

(منذ أواسط الخمسينيات بدأ العراقيون يتلمسون الدرب نحو الرقي والتحضر والتمدن بعد أن نضجت واتسعت مساحة النخب المثقفة في عموم مدن العراق.

وواحدة من أهم أوجه ذلك التمدن هو نمط العلاقات العامة بين العراقيين، وخصوصا بين المرأة والرجل).

(كان مألوفا أن نجد الفتيات يرتدين أجمل الفساتين برغم ضيق حال الأغلبية، وأصبحنا نشاهد الفتيات يرتدن الكازينوهات الحديثة التي انتشرت منذ أواسط الستينيات، وأصبحت محجاً للشباب العراقي المتنوّر، بل وصار مألوفا أن يلقي الشاب التحية على شابة واقفة في موقف الباص دون حرج، أو هي تلقي التحية على من سبقها لانتظار الباص، دون أن يترتب على ذلك أية ظنون أو إحتمالات كالتي هي سائدة اليوم).

(كنا نجلس على مقاعد الباصات الحكومية جنب بعض، شباب وشابات، نتحاور طوال دقائق الطريق، حول رواية صدرت حديثا أو كتابا فلسفيا أثار ضجة!!، أو نكتة لخلق إبتسامة نحن أحوج لها، في بلد كانت قد تراكمت عليه فيما مضى كل سلبيات البداوة والظلام).

 

الفقرات اعلاه جزء مما حدثني به أحد الأساتذة من ذلك الجيل الجميل، والذي إختتمه مستدركا بالقول:

(ذات مرّة كنا نتحاور أنا والشاعر الراحل يوسف الصائغ عن تلك الفترة الذهبية التي أطيح بها من قبل البدو منذ نهاية السبعينيات، وأعادوا العراقيين الى ما قبل عصر النهضة العراقية ... سألني الصائغ: ماذا لو شابا اليوم قد قال لشابة تقف على ناصية الشارع: صباح الخير .. وردت عليه الفتاة: صباح النور؟ ..... أي نور هذا سيقع على رأسها ورأس اللي خلفوها ؟!!!!!).

 

وعندما سألت محدثي العجوز: ما الذي حدث بعد ذلك؟ ومن محى تلك الصور؟ ولماذا؟

أجاب بكلمات مقتضبة:

(إنه صراع الحضارة والبداوة، فكل البلدان المتطورة التي تسمعين عنها اليوم، كانت قد نجحت في هزيمة البداوة، ونجحت في تطوير وتحديث كل مفاصل الحياة، والأهم من كل ذلك، أنها نجحت في المفاصل الإنسانية وعلاقات أفراد المجتمع ببعضهم، يقابل هذا، أن أي بلد تنتصر فيه البداوة يسوده التخلف والفوضى والنزاعات والحروب والجوع والفقر والكراهية والفساد، الى آخر قائمة السلبيات الأخلاقية).

 

أجبته في خاتمة الحوار:

معنى ذلك أن العراقيين سيظلون متخبطين في البحث وسط مزابل السياسة والاقتصاد عن سبب مصائبهم وتخلفهم وتداعيهم، متناسين أن السبب الاول والاخير لتخلفنا هو إنهيار قيم المدن والمدنية أمام قيم الصحراء والبداوة التي جاء بها الأشاوس.


مشاهدات 43
الكاتب هند النعيمي
أضيف 2025/12/08 - 1:27 AM
آخر تحديث 2025/12/08 - 2:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 101 الشهر 5431 الكلي 12789336
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير