عبد الزهرة البياتي.. أبداع الرأي في عمود صحفي
حمدي العطار
ليس من السهل كتابة العمود اليومي والذي يمثل (الرأي الصحفي) وهو من أصعب الكتابات الصحفية ، فالرأي الصحفي يمثل قمة العطاء المهني! وغالبا ما نسمع ان العدد كامل وننتظر (العمود الصحفي) لرئيس التحرير ! وقد اشتهر الكثير من الكتاب بالعمود الصحفي اكثر من الاتجاهات الاخرى مثل (التحقيق الصحفي- او الاستطلاع-او كتابة المواضيع السياسية والاقتصادية التي غالبا ما تكون اوسع واكبر من مساحة العمود الصحفي!
نحن بصدد القاء الضوء على كتاب (عمود الوجع اليومي) للصحفي والاعلامي والكاتب المثابر “عبد الزهرة البياتي” وفي يدي الجزء الرابع من سلسلة اجزاء تتناول ما كتبه البياتي من عمود الوجع اليومي في جريدة البينة الجديدة، وانا على اطلاع يومي على هذا العمود لما فيه من التنوع في رحلة الثراء المعرفي بين السياسة والادب والاقتصاد وهموم الناس! يقول البياتي في مقدمة هذا الجزء ستجدون (طرح قضايا الوطن والشعب..معاناته..أوجاعه..انتصاراته..انكساراته..تطلعاته المشروعة وأحلامه الوردية وتوقه صوب المرافئ الدافئة” ص4 دأب عبد الزهرة البياتي أن يكون عمله الصحفي متقنا متفوقا لافتا ، ومن يرى النتاج الابداعي في عموده “الوجع اليومي “ يتلمس قوة المقال على الرغم من استمرارية الكتابة اليومية لكنه لا يكرر نفسه ابدا! وتستغرب على عمق المعاني في مقالاته وتشعر انك امام مجموعة من الرجال الاذكياء وقد اجتمعوا في شخص واحد! كما انه يحسن اختيار المواضيع ، فيقول في مقدمته “أرى أن الكتابة بشأن قضايا لا تخص الشعب واحتياجاته بالصميم ولا تطالب بحق ضائع أو تنادي برفع مظلومية أو غبن أو هدم تطبيق القانون وتحقيق المساواة ولا تحارب الفساد ولا تفضح اللصوص ولا تعري سراق المال العام وتكشف (بلاويهم) امام الشعب الذي افقروه وكانوا سببا مباشرا بكل هذا الخراب والفشل ، ليست كتابة شجاعة”ص4 وفي الوقت الذي نجد فيه الابداع يتجاوز الكلمة الى مجالات كثيرة نرى البياتي يؤكد عمليا بمقالاته المنتشرة شعبيا ونخبويا أن الابداع بمفهومه ومجاله الواسع لن يموت ولا ينتهي ألا بإنتهاء الانسان نفسه مهما كانت الاحوال وتغيرت الظروف سيبقى الابداع رفيق حياتنا ووجودنا، لذلك هو اختار اسلوب خاص به بصمة ابداعية في الطرح والمعالجة تنتمي الى (السهل الممتنع) من اجل “صناعة رأي عام وبلورة وعي شعبي وهو ما يستدعي الابتعاد عن الضبابية والغموض او الانغماس في قعر المجهول خصوصا عندما يكون القراء أو المتلقون من مستويات معرفية وثقافية متباينة ، لهذا لم نحاول اصطناع مفردات عصية على الفهم أو الكلمات المنمقة بل أنتهجت اسلوب (السهل الممتنع)
قريب الناس
والبياتي ابن بيئته الشعبية التي تولد له الخيال الايجابي والشعور بالجمال الحقيقي وهو يرى في الابداع مساحات فسيحة ومجالا للتعبير عن إنسانية الانسان وكرامته وشأنه الذي لا قيمة فوق قيمته وهو فوق الموازين و الاتجاهات ، وكما يقول ميخائيــــل نعيمة (ما دام الانسان حيا فإن الابداع لا يتوقف مهما كانت الاحوال ساءت ام حسنت) والبياتي دائما قريبا من الناس يحبهم ويحبونه “في أحيان كثيرة ولا سيما في أيام الجمعة أو العطل الرسمية يحلو لي السير على الأقدام جائلا ما بين الأسواق أو المناطق الشعبية – المسماة بالعشوائيات- نعم لقد أتاحت ظروفي المعيشية والحمد لله أن اكون قريبا للناس وعلى تماس مباشر بتطلعاتهم ومعاناتهم للكتابة عنها بصميمية وترجمة حرفية أمينة».