السعي إلى المعالي
ضرغام الدباغ
على المرء أن يسعى إلى المعالي جهده وليس عليه أن تتم المقاصد
بيت الشعر هذا ينبؤك عن قائله ... بعد تفكير بسيط، تستطيع أن تقول بثقة، ابيت الشعر الفلسفي والمعرفي والنصيحة الكبيرة في 12 كلمة فقط، لا تليق إلا بالكبير ... الرائع المتنبي أبو الطيب، وهذا البيت موجه للرجال الذين يمسكون بمقاليد الأمور، أو الذين تطرح عليهم خيارات شتى ترى أين سيكون القرار ..؟
المتنبي يرى أن لا تفكر كثيراً .... على الرجل أن يضع في حساباته القرار الصحيح الخال من الوصولية والانتهازية، لا تقف بجانب الخطأ لأن كفة الخطأ هي الرابحة الآن ... ما عليك بمصير القرار الصحيح .. المهم أنك لم تخطأ، لا تفكر كثيراً فالرجل الحق موقفه لجانب الحق حتما، ولا تفكر بالنتائج والمكاسب، فكر باتخاذ القرار الصحيح وكيف تعمل على إنفاذه ,..!
هل بوسعنا أن نزجي هذه النصيحة للرجال العاملين كسياسيين محترفين، وكدبلوماسيين ..؟
ابتداء، الرجل السياسي سيتأثر بقراره جمع غفير .. وهنا سيقف بوجهه تساؤل .. هل يحق للقائد السياسي أن يغامر، أو يجازف ..؟ ذات يوم سمعت من سياسي حصيف قوله، أن كل قرار سياسي ينطوي على شيئ من المجازفة، فأدهشني قوله ..
باعتقادي، أن الرجل الفرد، له أن يقرر ما يشاء، وفي كل حال هو المسؤول الوحيد عن قراره، والأوحد الذي يجني عواقب قراره صحيح كان أم خطأ.. ولكن إذا كان مسؤولا عن حياة جمهور كبير، عليه أن يحسب بدقة عواقب قراره، فربما هناك من سيتعرض للتدمير المادي والمعنوي، ثم أن القرارات الحاسمة ليست مطروحة بشكل قرار حاسم (نعم أولا ... أسود أو أبيض) إلا في حالات نادرة (وهناك استثناءات بالطبع). هناك دائماً في السياسة القرار التوفيقي، وقرار نصف النجاح، وقرار بلون رمادي غامق وقرار أهون الشرين والأقل ضرراً، أو غير ذلك مما هو أقرب للابيض، ولكن أحيانا القوة، والاستعداد لتقبل وركوب المصاعب ودخول المعارك الحاسمة بقلب صلب هي من مآثر القادة ..
بتقديري سلوك طريق الحق والصواب يجب أن يكون هدف الجميع، ولكن السياسي لديه خيارات عديدة، عليه أن ينتقي أفضلها وأكثرها فائدة، وأقلها خطأ ...