فاتح عبد السلام
عندما تقول دبلوماسية أمريكية رفيعة المستوى هي باربرا ليف، تحمل ملف الشرق الأوسط الساخن في يديها ليل نهار، بعد زيارتها دمشق ولقائها الزعيم الجديد لإدارة سوريا، انه ينبغي ألا يكون لإيران دور في مستقبل سوريا الجديدة، فهذا يعني انَّ هناك توافقا صريحا جرى التفاهم عليه في الاجتماع التاريخي الذي عقدته مع احمد الشرع في قطع أية صلة إيرانية بسوريا، وانّ هذا الأمر الذي يتأسس على “معلومات” وليست استنتاجات، يعني انَّ من المستحيل ان تقبل واشنطن بنفوذ إيراني “تعويضي” في العراق عما جرى فقده في سوريا ، أو ان يكون النفوذ الإيراني في العراق دافعاً سرياً عبر «أدوات الانابة» لإحداث خروقات في سوريا الجديدة.
من هنا، يدخل العراق في مخاض عسير، تبدو فيه الحكومة العراقية في وضع صعب ومحرج في التعاطي مع مطالب باتت حاسمة في الغاء التنظيمات المسلحة داخل البلاد وتوحيدها تحت راية قيادة الجيش العراقي وبيد قائد واحد يكون مسؤولاً أمام العالم عن أي سلوك داخلي أو خارجي يخل بالأعراف والتقاليد والعلاقات والاتفاقيات الدولية.
هناك مداخل عدة لتسهيل مهمة توحيد القوات العسكرية العراقية بطريقة نظامية وطنية شاملة، منها الفتوى الدينية التي تمّ من خلالها تشكيل الحشد الشعبي في ظرف تاريخي خاص مرّ به العراق، وانّ الأفق يحتمل فتوى جديدة لإعادة الأمور الى نصابها العادي والمستقر. في هذه الجزئية لا تواجه الحكومة مشكلة في دمج ألوية ووحدات الحشد بالجيش والقوات المسلحة، لكن الصعوبة تتجسد في الأطراف التي تنضوي تحت المحور الإيراني وبرنامج وحدة الساحات، والتي لا تخضع للأوامر الحكومية العراقية من دون عاملين مساعدين أساسيين هما: التفاهم الصريح مع إيران، و فتوى جديدة.
باستثناء ذلك، سيكون العراق مقبلاً على أيام غير مستقرة ابداً، وانّ الضربات الإسرائيلية الانتقامية المؤجلة حتى الآن، قد تتحرر من قيد التأجيل في لمح البصر، ليكون العراق ساحة قصف جديدة، تنفيذا لقرار الحسم الذي ظهرت نتائجه في لبنان وسوريا.
اذا اتجهت الأوضاع الى هذا النوع من المواجهة في العراق، فلن تكون البداية مثل النهاية حتماً، وانّ الناجين من المراكب الغارقة سيكونون في مواقع أضعف كثيراً من جميع النواحي، أمام رياح التغيير التي تهب على الشرق الأوسط.