فاتح عبد السلام
تهتم الشركات العالمية في تسويق بضائعها لاسيما البيع الالكتروني، على الكوكيز، وهي المسار التتبعي لمعلومات يتيحها المستخدم عن نفسه من نواح مختلفة قد يكون بعضها شخصي جدا، في شراء، أو بيع أو استشارة أو تعليق أو رأي أو استفسار أو دفع فاتورة وسوى ذلك من تفاصيل. مواقع الخدمات الطبية والصحية والمصرفية تتوافر على معلومات خطيرة عن المستخدمين، ويحاول المتسللون من اللصوص أو أجهزة الدول الوصول اليها لتدميرها أو استغلالها أو توظيفها في عمليات سرية.
زعامات العالم أو الوزراء البارزون تخضع أحاديثهم وتصريحاتهم وحواراتهم وتعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الى تحليل مفردات بحسب خوارزمية معينة تضعها كل جهة بحسب أهدافها وغاياتها.
اليوم نجد الرئيس الأمريكي محدود المفردات السياسية المركزية في خارطة أحاديثه، اغلبها يدور في محيط تفنيد سياسات سلفه بايدن والحزب الديمقراطي، الكلام على مكاناته في السيطرة على حروب العالم ومنها ما بين روسيا وأوكرانيا أو هدنة حرب غزة او حرب لبنان وكذلك الاستثمار الخارجي لجني الأرباح من الدول المحتاجة للتكنولوجيا الامريكية، وهناك خط يتصل مع ايلون ماسك والذكاء الاصطناعي والصراع التجاري مع الصين، وبلغ ذروته مع التطبيق الصيني المفاجئ والمقتحم والمرعب «البحث العميق” أو ديب سيك. هناك مَن يقول انّ ترامب ليس قياساً لانّ ما يعلنه يوحي بأن ما يضمره ليس مختلفا كثيرا، وهذا في علوم الاستخبارات كلام ساذج اذ لا توجد قراءات إعلامية خارجية ذات صلة بقرارات العمق والتنفيذ.
الصراع للوصول للمعلومات بين الدول والشركات العملاقة يستهدف تحقيق ضربات نوعية قاصمة تطيح نتائج وعناوين حاسمة، فما فعلته الشركة الصينية للذكاء الاصطناعي، وهي محاصرة بعقوبات أمريكية بشأن الرقائق الذكية أدى الى خسائر لشركة امريكية كبيرة واحدة، بستمائة مليار دولار، وعدوى الإصابات في الخسائر اقوى عدوى الامراض، وهو الأمر الذي جعل ترامب يقرع جرس الإنذار علناً.
هناك « كوكيز» خاص بالوضع العراقي هو الذي ستتحدد في ضوئه ملامح البلد في علاقاته الدولية وإمكانات مؤسساته،
وعلى سبيل المثال تخضع تصريحات الزعامات السياسية الرسمية أو كلامهم العادي في العراق لتحليل خوارزمي عميق، من الأجهزة الدولية المعنية بوضع هذا البلد المرشح لتفاعلات إقليمية ومحلية كثيرة، وبالرغم من النتائج المتناقضة والمحيرة والمضحكة التي تنتج عن ذلك التحليل بسبب انتماء السياسي العراقي للخيارات الخارجية إلا انّها هي صورة العراق في المشهد اليوم. وسوف تكون حصيلة ما قاله السياسيون في السر وما يقولونه في العلن تحت مجهر الغربلة والجمع والطرح، لتبيين حقيقة الأهداف التي يسير عليها القائمون على حكم البلد اليوم وغدا.
الكوكيز في تعريف مبسط هو محطة المخابرات المشاعة التي يمولها الناس من دون ان يشعروا .