فاتح عبد السلام
المسألة لا تقف وتنتهي، اذا نزل سعر النفط الى خمسين دولاراً، وانّما قد يكون هناك تدهور أسرع في ظل تنامي الاعتماد على مصادر أخرى للطاقة مع اقتراب موعد زمني حددته دول اوربية عدة بشأن تقليل الى اقصى حد في الاعتماد على النفط في تسيير المركبات التي قد تصبح كهربائية بالكامل في غضون سنوات قليلة.
مادامت هناك صناعات عسكرية تعمل ليل نهار على الإنتاج والتصدير للعالم ستبقى الحاجة لفترات أطول للنفط، لكن هذا لا يوفر ضمانات ابداً لصمود الأسعار لاسيما انّ فترة الرئيس ترامب قد تشهد ألعاباً معينة في المناورة بالأسعار مع مناورة بسعر الدولار ايضاً.
بعبارة أخرى، سينتعش سوق المفاجآت كثيراً في الاقتصاد أولاً، وهذا عليه استحقاقات أكيدة في السياسة قد تكون مثيرة جداً.
في العراق، هناك اغراق قديم في التوظيف الحكومي الذي دفعت به الأحزاب المتعطشة للسلطة خلال العقدين الأخيرين لأغراض كسب الجمهور الانتخابي، وأصبح جهاز أي وزارة من الموظفين متضخما، بما يتنافى مع أبسط قواعد تحديث الإدارات التي تعتمد الترشيق أساساً للوصول الى إنتاجية أعلى وبأقصر الطرق. مرّ عقدان زمنيان ولم تقم اية علاقة تضامنية بين القطاع العام والقطاع الخاص على حساب استراتيجية تقلص الأول وتوسع الاخر. العراق بلد بلا هوية اقتصادية، فمن جهة تحتضن الدولة هذا التوظيف الانتفاخي غير المجدي، ومن جهة أخرى هناك قطاع خاص لا يقوم على أساس صلب من خلال نظرية اقتصادية تعمل بها الدولة، وانما هناك فقط حالة سائبة، فما كان للفرد يبقى له في حين تشتغل الحكومة وقطاعها العام في نفس نطاقات عمل القطاع الخاص، وبالنتيجة ، لا نمتلك هوية للقطاعين، والهوية هنا هي القيمة الاقتصادية المجدية في التصميم والتشغيل والإنتاج والفائض والادخار والتوليد المستقبلي.
أين نحن من هذا؟ وأي وزير أو نائب يذهب الى مكتبه وهذا الهم يشغله؟
بعد ذلك، يأتي مَن يقول انّ هناك مؤامرة دولية لتخفيض سعر النفط لضرب رواتب الموظفين وراتب مؤسسات أخرى في العراق وتأليب الشعب الحائر في «عيشته» على الأحزاب الحاكمة الباذخة في امتيازاتها واستثماراتها الخاصة بها.
ابنوا بلداً فيه ضمانات ولا تخشوا ارتفاع الأسعار الدولية أو تدهورها.
حكومة تورث حكومة مزيداً من المآزق، لا أحد يحل عقدة، ويمضي البلد الى ذلك المجهول العظيم.
دول عظمى تضعضعت اقتصادياتها في أزمات انهيار البنوك في العام 2009 او في أزمات أخرى ، فما الذي يجعلنا مطمئنين الى انّ بلداً من دون اقتصاد ومثقل بالفساد سينجو، من اية كارثة مقبلة؟