المحبَّة والسَّلام .. داخل الإنسان خارِجه

أسماء محمد مصطفى

المحبة والسلام قيمتان إنسانيتان أساسيتان لحياة هادئة، جميلة، وسعيدة، فهما لا تقتصران على العلاقات السياسية والاجتماعية ولا تختصران بأنهما ضد الحروب بين الدول والجماعات، بل هما ضد الحرب والعنف داخل الإنسان نفسه أولاً، إذ تغذيان الشعور الإنساني النبيل والجمال والطمأنينة في داخل النفس البشرية قبل كل شيء.

تعمل هاتان القيمتان مترافقتين على مستويين يكمل أحدهما الآخر، فالمستوى الأول داخلي يبدأ من قلب الإنسان، ويعمل على تصالحه مع نفسه وحبه لها بلا أنانية وسلامه الداخلي والتعامل مع الحياة بواقعية خلّاقة من خلال تقبل الألم والأمل معاً، فتتناغم روحه مع جسده، وهنا يصل أو يقترب من الحكمة التي تعينه على مصاعب الحياة. ومن ناحية أخرى تعزز المحبة والسلام الداخلي صحة الإنسان النفسية والجسدية، لأنهما تجعلانه أكثر توازناً وقدرة على مواجهة التحديات، فهما تقويان المناعة وتخفضان ضغط الدم ومعدلات التوتر والقلق، وتوازنان عمل الجهاز العصبي، وتعزّزان النوم الجيد والتركيز والمرونة النفسية أمام الضغوط بمختلف مستوياتها، وتساعدان في التعامل الإيجابي مع الألم والمرض والحزن بلا انهيار أو خوف مفرط، فتسرع بذلك من الشفاء.

أما المستوى الثاني للمحبة والسلام، فهو الخارجي: المجتمعي والوطني والإنساني، الذي ينتج عن السلوك المحترم والمحب للإنسان تجاه الآخرين ما ينعكس على المجتمع والبلد ككل ومن ثم العالم، ويتجلى هذا المستوى في التسامح والتعايش واحترام التنوع الثقافي وتقبل المختلف، ونبذ الكراهية والعنف.

علاقة إنسانية

إنّ تقسيم هاتين القيمتين إلى مستويين، داخلي وخارجي، يساعد في إدراك أنّ السلام المجتمعي والوطــــــــــــني والعالمي لا يتحقق إلّا بسلام يسكن الإنسان ذاته، فكل علاقة إنسانية مضيئة إنما تبدأ إشراقتها من المحبة الداخلية.

وتتجلى الصلة بين المستويين في الأثر المجتمعي للمحبة والسلام الداخلي، إذ يمتد من داخل الإنسان إلى محيطه عبر سلوكه وكلماته وتعامله مع الآخرين، فيصنع أسرة مستقرة، ومحيطاً متسامحاً، وعلاقات إنسانية واجتماعية قائمة على الاحترام والثقة.

خلاصة القول إنّ المحبة والسلام الداخلي هما مصدر السلام الاجتماعي، ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة «حملة ثقافة المحبة والسلام» المشتركة بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية، لتعمل وفق برنامج إعلامي ثقافي هادف إلى تعزيز السلام الداخلي لدى الإنسان، وترسيخ السلام الخارجي في المجتمع والوطن، على أمل أن تُحدث أثراً طيباً ومستداماً.

فأحبوا، ودعوا شمس محبتكم تشرق على أنفسكم وعلى الآخرين، فتزهر الأرض سلاماً.