الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التعليم.. قرارات ترقيعية

بواسطة azzaman

التعليم.. قرارات ترقيعية

مروان صباح الدانوك

 

كمدرس أعيش يومياً في الصفوف وأرى بعيني واقع الطلبة والتلاميذ، أكتب هذه الكلمات بحرقة وألم، التعليم في بلدي يمرّ بمرحلة لا يمكن وصفها إلا بالانهيار الصامت، انهيار يختبئ خلف قرارات سريعة تصدر هنا وهناك، وكأنها مسكنات لمرض مزمن. اليوم نسمع عن إضافة درجتين لمعالجة «الحالات الحرجة» لطلبة المراحل غير المنتهية، وغداً عن دورٍ ثانٍ تكميلي أو دورٍ ثالث للراسبين في جميع الدروس، قرارات تُقدَّم على أنها حلول، لكنها في حقيقتها هروب من المساءلة وتكريس لفكرة أن الفشل يمكن تعويضه بأرقام على ورق. ألسنا بحاجة إلى أن نسأل: لماذا يصل الطالب إلى حالة «الحرج» أصلاً؟ ولماذا يرسب بجميع الدروس؟ أليس ذلك نتيجة طبيعية لتراكمات مناهج متخمة، أساليب تدريس قديمة، وبنية تحتية مدرسية متعبة؟ أليس ذلك حصيلة غياب المحاسبة الحقيقية والتخطيط العلمي؟

إن التعليم لا يُقاس بعدد الأدوار الامتحانية ولا بالدرجات الإضافية، بل يُقاس بجودة الخريج، بقدرته على التفكير والنقد والإبداع، بمدى تهيئته لحياة منتجة نافعة. وللأسف، ما نراه اليوم هو إنتاج أجيال تُدفع دفعاً إلى النجاح الشكلي، بينما تُحرَم من النجاح الحقيقي. كمدرس، أشعر بالعجز أحياناً ، لأن رسالتي التربوية تصطدم بقرارات فوقية تعطي الانطباع أن الحل في «ترقيع» النتيجة، لا في إصلاح السبب، نحن لا نحتاج إلى قرارات إسعافية آنية، بل إلى مشروع وطني لإعادة بناء التعليم من الجذور: من إعداد المعلم، إلى تحديث المناهج، إلى توفير بيئة تعليمية محترمة، إلى وضع ضوابط صارمة للمحاسبة. إن استمرار هذا النهج يعني ببساطة أننا ندفن رؤوسنا في الرمال، وننتج أجيالاً تتعلم أن النجاح يُشترى بقرار، لا يُصنع بجهد، وهذا أخطر ما يمكن أن يواجهه وطن يسعى للنهوض. ويبقى السؤال المؤلم: إلى متى يبقى التعليم رهينة قرارات عاجلة بلا مساءلة؟

 

 

 


مشاهدات 64
الكاتب مروان صباح الدانوك
أضيف 2025/10/04 - 2:54 AM
آخر تحديث 2025/10/04 - 3:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 719 الشهر 2700 الكلي 12042555
الوقت الآن
الأحد 2025/10/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير