جمعت بين الابداع الفكري وحداثة التصميم
الوجيه الثقافي : مجلة الكترونية يصدرها ملتقى الصابونجي في عمان
رياض شابا
في الساعة الثانية والربع من فجر الثامن من آب 2025 بتوقيت فانكوفر، لمحتُ العلامة الخضراء الصغيرة (شغّالة) على موقع رياض عبد الكريم. وقبل ان اهاتفه كان يبعث برسالة تختصر حكاية (مولود) جديد اسمه (الوجيه الثقافي). نتاج منوع جميل، بالالوان وباخراج رائع، وحجم مكتنزِِ أخاذ، واستخدام جذاب للصور والرسوم والخطوط.
رحتُ اقلب الصفحات على الفور، قبل ان اهتف : مبارك.. (أبو المفجآت الحلوة).
وواقعا، وفي اعماقي، لم أكن أعيش مفاجأةً البتة، فانا أُدرك جيداً أن شخصاً مثل رياض، بامكانه النهوض بمشروع يراد له الاستمرار وان يشق طريقا، وسط كم كبير من صحف ورقية ورقمية تملأُ عالمنا اليوم.
تفاعلتُ مع الموضوع برمته، وتحدثنا بعض الوقت عن حلم يورق مع صيف راحل، فاردت ان اوجه له تحية اعجاب، تقودني الى الكلام عن الشخص الذي يود الارتقاء بحلمه عالياً، وكي تتكلم عن مشروع ما، لابد لك من تسليط الضوء على من يقف وراءه..
الخطوات الاولى لرياض التي أعرفها جيدا، تجعلني متفائلاً ازاء طالب الصحافة الذي دخل (اروقة) مجلة (الاذاعة والتلفزيون) في مطلع سبعينات تميزت برفضها العملات الرديئة، ما لم يثبت مقتحمو مهنة المتاعب المواصفات المطلوبة.. جدارةً ملموسة، قدرة على الحس والتعبير، والكثير من الجري والبذل حد التعرق، مقرونة بالتزام باخلاقيات العمل.
ولا احب الـ(أنا) هذه، بقدر ما اود التعبير عن الوفاء الى مكان استقطب في اوقات لاحقة قامات صحفية ثقافية ادبية لا مجال لذكرها جميعا، وهي معروفة وراسخة باسماء نعتز بها، تتلألأ في ارشيف يكتنز خلاصةَ تجربة يتعلم فيها الصغير من الكبير، ومن الاقدم والانضج. وقد اشار رياض بنفسه الى تلك الاسماء في كتابه الاول (سنوات التحدي والاصرار)، متحدثا عن تجربته المثيرة، ثم جاء كتابه الثاني (الدولة الغريقة والهروب الى ألأمام).
وهنا (شيء من بيت القصيد).. غيضٌ من فيضِِ أرويه عن رياض صاحب المواهب المتعددة التي توقعها له الكثيرون منذ السنوات الاولى من بداياته. اصطحبته معي الى اكثر من مكان، كي نكتب ونصور، وكانت ثمة ليلة لن تنسى من ليالي معرض بغداد الدولي يتذكرها رياض جيدا..
كان الى جانب عمله في المجلة يعد برنامجا لاذاعة (صوت الجماهير) وطلب مني يوما ان اقرأ خاطرة انتظر فيها شروق الشمس وما يعنيه مغيبها كل مساء، وتندرنا لذلك طويلاً!! اعددنا بعض الوقت برنامجا مشتركا لقسم التنمية في تلفزيون بغداد. وقف الى جانبي وانا احضر تسجيل حلقة خصصها لي المخرج المصري (ابراهيم الصحن) عنوانها (الطيور لا تخشى الضجيج).. عن دلالات تاميم العراق لثرواته النفطية.
وذات ظهيرة حصل تحول جديد في مسيرته، عندما وقف زهير الدجيلي رئيس التحرير شبه حائر ازاء الشخص الذي سيملأ فراغا كبيرا سيتركه المشرف الفني عارف علوان بعد قرارالاخير مغادرة العراق، فما كان مني الا ان الفت انتباهه باشارة من عيني الى حيث يجلس رياض: (ها هو.. امامك تماما). وكان رياض قد تعلم من سلفه الكثير، ترجمَهُ على ارض الواقع عندما صار الصحفي والرسام الشاب مصمما يشار اليه بالبنان، بلغ مجموع ما صممه من اغلفة الفا وخمسمائة وربما اكثر.
وخلال سني اقامته في عمان لاحظتُ حضوره المتطور في انشطة عديدة.. ندوات ومجالس وحوارات.. أُجْريَتْ معه لقاءات في التلفزيون الذي خاض معه تجربة طويلة من خلال برامج قدمها في قناة (الديار)..
امور كثيرة اعترف انني كنت اجهلها عن مسيرته جراء ما سببه لنا الوطن من فراق واغتراب.. الا انني اجدد تفاؤلي بصدور العدد الاول من مشروعه الذي اعتدنا تسميته (العدد صفر).. وأنا اراه صفرا على اليمين، تلحق به اصفارٌ اخرى على طريق لن يخلو من اشواك، لكنه معبد بتراكم الخبرة والتطلع نحو الافضل..
بالتوفيق لهيئة التحرير ولكل من يسهم في ارواء برعمنا الفتي هذا.. ولتكن علامتكم خضراء على الدوام.