ظاهرة الإستناد إلى القرارات القضائية لا النصوص القانونية
وليد عبدالحسين
لاحظتُ في الآونة الأخيرة أن رجال القانون بدأوا يستندون ويعتمدون ويقيمون ثقافتهم القانونية على الأحكام القضائية لا على نصوص القانون، بل ويرون أن القرار التمييزي أعلى من النص القانوني!
فحينما تتحاور مع أحدهم وتثبت رأيك القانوني بنصوص قانونية واضحة، لن يتفق معك ويحتج عليك بقرار تمييزي لا نعلم ظروف صدوره ووقائع دعواه ومدى ثبات قناعة أعضاء الهيئة التي أصدرته وهل رأيهم يمثل موقفا قضائيا ثابتا ومبدأ يشكل مصدرا تفسيريا للقانون أم أنهم رجعوا عن ذلك ولهم أحكام أخرى خلافه لم يُحط من يحتج علينا بحكم سابق بأحدث الأحكام!
أرى أن ميلان رجال القانون خاصة بعد عام 2010 وسيادة مواقع التواصل الاجتماعي وإغراقها بشكل يومي بعشرات صور أحكام القضاء والتعليق عليها من قبل أهل الخبرة وغيرهم، أسهم في نشوء ثقافة قانونية طرية ومقلدة لا تمتلك عقلية أو ملكة قانونية سليمة، وهو ما ألقى بظلاله على امتلاء المكتبات والمطابع القانونية بكتب عبارة عن جمع أحكام القضاء دون التعليق عليها أو مناقشتها أو نقدها نقدا بناء يؤدي إلى مراجعة الأخطاء والهفوات التي من الطبيعي أن تقع في أي عمل بشري.. ينبغي أن يعرف رجال القانون مفاد المادة الأولى في القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية قبل أن يعرفوا أي شيء آخر واللتين حددتا مصادر القانون أو الحكم والتي جاء التشريع في مقدمتها ولا محيص عن التحلل من أحكامه إلى المصادر الأخرى إلا عند فقدانها، أما أن نركن النص التشريعي جانبا ونتمسك بعرف أو مبدأ إسلامي أو حكم قضائي فهذا ما يتعارض مع القاعدة الفقهية المقننة في المادة (2) من القانون المدني «لا مساغ للاجتهاد في مورد النص».