العراق والمنعطف الخاطئ
شيرزاد نايف
في زمنٍ يُعتبر فيه التطورُ والتقدمُ مفتاحاً لفتح أبواب المستقبل، نجد العراق في تحدياته السياسية والوحدة الوطنية يقف على منعطف خاطئ، حيث تُجر السياسات التي تُطبق عليه نحو مجاهل تقرير المصير، تنفيذاً لاجندات إقليمية تتدخل في إدارة الوطن. هذه السياسات التي تُعتبرها الحكومة عراقية ضرورية لتحقيق الاستقرار والتقدم، تُعتبر في الواقع جزءاً من مشكلة أكبر، وهي مشكلة الوحدة الوطنية.فكما قال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت: "الحرية هي القدرة على تحديد مصيرنا بنفسنا". ولكن في العراق، يبدو أن هذا المبدأ لا يُطبق، حيث تُحدد اجندات إقليمية تحديد مصير العراق فيدراليا، وتُجبر الحكومة على تنفيذها.
في هذا السياق، يأتي ملف اقليم كردستان العراق وتأخير رواتبه و مستحقاته القانونية في حصته الشرعية، كدليل واضح على هذه السياسات الخاطئة. ففي كل شهر، وكل مرة، تُقدم الحجج المتناقضة والمغلوطة، وتعامل الجهات المعنية وكأنها في قمة النزاهة، وتُمارس الإدارة القوانين بحذافيرها. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لا تُطبق مواد دستورية تتعلق بحقوق وقضايا اكثر احتياجا و حساسية على سبيل المثال تطبيق المادة 140 الدستورية؟ التي تحدد مصير المناطق المتنازع عليها فهل هذا استخفافًا بالقانون، أم هو تنفيذ لاجندات إقليمية تهدف إلى تدمير اللحمة الوطنية؟ وكما قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: "الحرية هي مسؤولية". ولكن في العراق، يبدو أن هذه المسؤولية لا تُؤخذ على محمل الجد، حيث تُترك الأمور للصدفة، وتُترك الحكومة لتطبق اجندات إقليمية دون أي مسؤولية.
في حقيقة الأمر، نجد أن الأقليم هو جزء لا يتجزأ من العراق، وأن تماطل التعاون معه سيعني رفض التعاون مع أنفسنا. هذا الرفض سيعني أننا نرفض الإستفادة من إيجابيات الأقليم، وسيعني أننا نرفض التقدم والتنمية. كما هو معروف، كما قي الحديث الشريف لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه.
في هذا السياق، يبدو أن الحكومة العراقية تتعامل مع الأقليم وكأنه كيان مستقل، وليس جزءاً من العراق ومن ثم يتهمه بالأنفصاليين! أن هذه المفارقة والتمييز يعتبر جزءاً من مشكلة أكبر، وهي مشكلة الوحدة الوطنية. يجب علينا أن ندرك أن الأقليم هو جزء لا يتجزأ من العراق، وأن رفض التعاون معه يعني أن العراق يقف على منعطف خاطئ، حيث تُجر السياسات التي تُطبق عليه نحو مجاهل تقرير المصير. ولهذا، يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها، وتطبق القانون بشكل عادل، وتحمي الوحدة الوطنية، وتعترف بإيجابيات وجود اقليم كردستان لها، وتتعاون مع الأقليم لتحقيق التقدم والتنمية.