لوّحٌ جديد
عبدالمنعم حمندي
في التراب القديم ، رأيتُ بقايا صُوَرْ
لغةً كان ينقشها الحالمون
لفجرٍ أغرّْ
يصعدون الى الشمسِ ،
يزدرعون الضياءَ بجوفِ الظلام ،
وفي القحط يستنفرون المطرْ
كلّما جفَّ لحنٌ برملِ الغناءِ
أطلّ من الناي شدوٌ غريبٌ ،
وكاد الصهيلُ يكلّمُ
في اللوّح نقشَ الحجرْ
: أيها الصاعدون الى الشمس،
حُلم الفراشات ، حلمٌ قديمٌ
يقضُّ عظام الصدور
وبوح اللُقى والنهرْ
.. انّ تاريخنا حافلٌ بالأسى والثبور
يستعيدُ الرزايا ،
ويستعذبُ الموتَ قبل نزول القدرْ
مُذ تغوّل فينا انتقامٌ،
توالد عبر جيوشٍ من الثأرِ ،
مجبولةٍ بالأثر
تقتفي في الأساطير نوحاً ،
وهل فرَّ يافثُ .. ،
أم سارَ سامٌ الى التيهِ
في قومِهِ بالبشرْ؟
انها لغةُ اللوح منقوعةٌ بدمٍ من صخَرْ
برفيف به
يستنير العمى بالعمى
فكيف يغض البصرْ ؟
.......
عندما جاءت الظُلماتُ ،
صنعنا لكلِّ إلهٍ قبيلاْ
وانتمينا له ،
وأكلناهُ في الجوعِ ربّاً جميلاْ
وارتضينا بما ينسبون ،
وما صوّر الأولون
وما نجّمتهُ الرياحُ لنا بُكّرةً وأصيلاْ
ليس هذا إفتراء
على هامشٍ في المتونْ
ولا خلق آلهةٍ من خيالِ المُجونْ
قد رأينا الهلالَ قُبيَّل الغروب ،
وَمَا أَنْشَأْ الْعُمُرُ جيلاً ،
تحمّلَ وِزْرَ
مَا كان فِي أَهْلِ مَدْيَنَ جيلاْ
قد طوينا العصورَ ،
ولم نهتدِ في السبيلِ السبيلاْ
والذي اسْتَصرَخَ الأَمس
يبطشُ في النخلِ ،
هل يَرِثِونَ السمواتِ ..
أم يرثون النخيلاْ ؟