الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صلاح عبد الرزاق يعرض شخصيات عرفها

بواسطة azzaman

صلاح عبد الرزاق يعرض شخصيات عرفها

قاسم الشمري

 

أقام مجلس التراث البغدادي على قاعة حسين علي محفوظا ندوة لتقديم الكتاب الجديد للدكتور صلاح عبد الرزاق بعنوان (شخصيات عرفتها) ، أدار الندوة الباحث التراثي نبيل الحسيناوي ، بحضور جمهور من المهتمين والإعلاميين.

يتناول الكتاب (34) شخصية ما دينية وسياسية وفكرية عراقية وأجنبية وعربية.

في البداية تناول عبد الرزاق السبب وراء اختيار هذه الشخصيات فقال: إن اختياري لهذه الشخصيات المميزة هو أنه كانت لي علاقات مباشرة معها ، لقاء أو زيارة ، أو تواصل بريدي ، سواء في ما قبل سقوط النظام أو بعده ، وفي المهجر أو في الوطن. وقد وثّقتُ علاقتي بهذه الشخصيات من خلال الصور والرسائل والوثائق التي نشرتها في ملحق الكتاب.

علاقته بالسيد السيستاني

وتناول عبد الرزاق بضع حوارات وقصص عن الشخصيات التي عرفها خلال مسيرة أربعين سنة فذكر أن بداية العلاقة تعود لعام 1996 عندما كتب عبد الرزاق رسالة وأرسلها بيد ممثل المرجع الأعلى وهو السيد مرتضى الكشميري حول إنشاء مركز ثقافي إسلامي في هولندا. وقد أجاب السيد السيستاني في 13 تموز 1996 تضمن منحه وكالة في جمع الأموال الشرعية واستطاع الحق الشرعي من سهم الإمام عليه السلام. ولم تجمع أية أموال بسبب أوضاع اللاجئين العراقيين في هولندا آنذاك.

وتحدث عن لقائه الأول مع المرجع السيد السيستاني (حفظه الله) التي تم في يوم الجمعة الموافق 27 آب 2004 ، في النجف الأشرف بعد عودة سماحته من لندن في الرحلة العلاجية. وكان قد زاره وفد من الوقف الشيعي بغرض استلام العتبة العلوية بعد موافق السيد مقتدى الصدر على الاتفاق مع مكتب السيد السيستاني على خروج أتباعه من الحضرة العلوية. وبالفعل تم استلامها وكانت خالية من الزوار والموظفين.

وتناول اللقاء الثاني تم في مكتب السيد السيستاني عندما زار الدكتور عبد الرزاق المرجع الأعلى يوم الخميس 6 آب 2009 الموافق 14 شعبان 1430 هـ ، وبحضور السيد محمد رضا السيستاني ، والشيخ محمد حسن الأنصاري ، وأعضاء من مكتب الدكتور عبد الرزاق.

ابتدأ اللقاء بتقديم مؤلفات الدكتور عبد الرزاق حيث قدمها سماحة الشيخ الأنصاري واحداً واحداً. ثم جرى حوار بين عبد الرزاق وسماحة المرجع حول دوره السياسي في العراق وخاصة في قضايا الانتخابات وتدوين الدستور ومدنية الدولة ودور الفقيه فيها مقارنة بالتجربة الإيرانية.

الشهيد السيد محمد باقر الصدر

وذكر عبد الرزاق لقائه الأول مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر في ربيع عام 1974عندما ذهب للمباركة بالعيد السعيد ضمن وفد من طلال الجامعة ، واقتنص فرصة للحدث مع سماحته وطرح عليه بعض الأسئلة الفقهية. واللقاء الثاني كان في صيف عام 1977 وكان لقاءاً خاصاً حضره اثنان من الأصدقاء. وتم اللقاء في غرفة المكتبة بالطابق العلوي لمنزل السيد الشهيد.  واقتصر الحديث على أسئلة فقهية تناولت سلفة مصرف الرافدين وقروض المصف العقاري وإشكالية وجود الربا من عدمه.

الدكتور نصر حامد أبو زيد

ومن الشخصيات العربية تناول عبد الرزاق علاقته بالدكتور نصر حامد أبو زيد (1943- 2010) الذي كان قد غادر مصر بسبب حملة ضده بسبب كتاباته التي اتهموه بأنها ارتداد عن الإسلام ، وحكمت محكمة مصرية بتطليق زوجته ، فاضطر لمغادرة مصر ، واستقبلته هولندا ، ليعمل في جامعة لايدن العريقة ، وكان الدكتور عبد الرزاق يدرس فيها. جرت بينهما علاقة صداقة ونقاش أكاديمي. وذكر عبد الرزاق أنه حضر محاضرة لنصر حامد أبو زيد ذكر فيها أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة ثانية إلاّ إذا كان لديها أبناء أيتام. واستند بذلك على قوله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مثنى وثلاث ورباع). وأضاف: وجود الأيتام شرط واجب في إباحة الزواج الثاني. وبغيره لا يجوز.

وهنا انبريت له متسائلاً: هل هذا يعني أن الرسول (ص) والصحابة لم يعرفوا بهذا الشرط ، وتزوجوا مثنى وثلاث مخالفين بذلك النص القرآني والشرط الإلهي بوجود اليتامى. وأن الفقهاء من بعدهم لم يدركوا هذا الشرط طوال خمسة عشرة قرناً . فهل لديك دليل ما يثبت هذا القول؟ فإذا لم يكن هناك دليل يبقى مجرد افتراض واجتهاد في النص.

في عام 2010 عاد أبو زيد إلى مصر بعد إصابته بمرض عضال توفي على إثره . ودفن في مقابر المسلمين.

الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي

من الشخصيات الأجنبية ذكر الدكتور عبد الرزاق المفكر والفيلسوف الفرنسي روجه غارودي (1913-2012) الذي اعتنق الإسلام ودافع عن المسلمين والقضية الفلسطينية . وقد زاره عبد الرزاق في منزله الذي يقع في ضواحي باريس في 14 تموز 2001 ، وسأله عن قصة اعتناقه للإسلام عام 1982 ودوافعه بعد أن قضى عمره في الحزب الشيوعي الفرنسي حتى صار سكرتيراً عاماً للحرب ، ودخل الجمعية الوطنية الفرنسية وبقي عشر سنوات يمثل الحزب فيها. أجاب غارودي: كنت معارضاً لحكومة فيشي التي عيّنها هتلر لحكم فرنسا بعد احتلال باريس في الحرب العالمية الثانية. وتم نفيي إلى الجزائر كعقوبة لي. في الجزائر المحتلة من قبل فرنسا ، تم إيداعي في معسكر صحراوي. لم تمض سوى فترة قصيرة حتى تزعمت اضراباً للسجناء. قبضوا عليّ ، وحكموا عليّ بالإعدام الميداني رمياً  بالرصاص. عصبوا عيوني ، وشدّوا وثاقي إلى خشبة مغروزة في رمال الصحراء ، ثم أمروا الجنود بإطلاق النار ، لكن الجنود وكان جزائريين يعملون في الجيش الفرنسي ، امتنعوا عن إطلاق النار. فتم فك قيودي وإعادتي إلى المعسكر. هذا الحدث أثار فضولي عن سبب إحجاب هؤلاء الجنود الجزائريين عن إطلاق النار عليّ. فعلمت أنهم من قبيلة (عبادة) وأن من عاداتهم أن لا يطلقوا النار على شخص أعزل ، لأن دينهم يرفض ذلك. فسألت: ما دينهم؟ فقالوا: الإسلام

عندها آثار الإسلام فضولي ، فدرت عنها في الكتب المتوفرة ، عن تاريخ الإسلام وعن حضارة الإسلام وعن تعاليم الإسلام. وعند خروجي من المعسكر وانتهاء الحرب ، مكثت في الجزائر وكتبت كتاباً عن حضارة الإسلام وتأثيرها على العالم. في عام 1982 تأثرت بالثورة الإسلامية في ايران التي صارت محور الأحاديث الصحفية والإعلامية ، وفي صفوف الجامعات وقاعات المعاهد الأكاديمية.

تزوج غارودي بامرأة فلسطينية مسلمة ، إضافة إلى زوجته الفرنسية التي أنجب منها. وتقيم سلمى الفاروقي في قرطبة باسباتيا حيث تيد متحفاً إسلامياً أنشأه غارودي.

السفير الألماني مراد هوفمان

أما الشخصية الأخرى التي تناولها عبد الرزاق ، فهو الدبلوماسي الألماني السابق مراد هوفمان (1931  . وكان يعمل في سفارة ألمانيا في الجزائر في عام 1961 وشاهد فصولاً من الحرب الدامية بين المحتل الفرنسي والمجاهد الجزائري المسلم. وحدث أن أصيبت زوجته بنزف نسائي ، فخرج إلى الشارع يبحث عن سيارة تاكسي بعد أن تأخرت سيارة الإسعاف. وعثر على سائق تاكسي نقله وزوجته إلى المستشفى ، وكان يفترض بالسائق المسلم أن يعتبر كل غربي على أرضه عدواً لها كما الفرنسي، لكنه أبدى خلقاً راقياً ، وسمواً عالياً في الأخوة الإنسانية عندما عرض التبرع بدمه لزوجته. وهذه الاخلاق مثال على التسامح تصدر من شخص متدين وليس من متعصب قومي.

والحادثة الأخرى التي أثارت هوفمان حدثت عند زيارته لإسطنبول ، وفي السوق أعجبت زوجته بقطعة معروضة في البازار ، وأراد شواءها ، ثم تبين أن صاحب الدكان قد ذهب لأداء الصلاة. تقدم صاحب الدكان المجاور عارضاً بيعها لأن جاره غائب . تساءل هوفمان: هل يحدث مثل هذا في الغرب؟ كلا ، ولماذا باعنا الجار القطعة بدلاً عن صاحبه؟ ولماذا لم يعتذر بغياب صاحبه ، ويأخذنا إلى دكانه المجاور ويبيعنا قطعة شبيهة بالقطعة التي أعجبت بها زوجتي؟ هذه أمانة رائعة و خلق عظيم ، لابد أن وراءه دين عظيم ، يربيّ أبناءه على القيم العليا ، وهكذا آمنت بالإسلام واعتنقته. وفي الختام أجاب الدكتور عبد الرزاق على أسئلة الحاضرين ، ثم قام بالتوقيع على نسخ الكتاب التي أهداها لهم.


مشاهدات 87
الكاتب قاسم الشمري
أضيف 2025/02/21 - 11:55 PM
آخر تحديث 2025/02/22 - 1:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 323 الشهر 11959 الكلي 10407330
الوقت الآن
السبت 2025/2/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير