نقطة ضوء
الإصطفاف على رصيف العاجزين
محمد صاحب سلطان
ليس من المعقول السكوت عن ما نشاهده من ظواهر ،تمس حياة شبابنا الذين أوسعتهم هذه الدنيا أنينا وألما، وصرنا نرى وجوها قد أضر بها الإنكسار،جراء تغلغل أفيون التوجهات الغريبة عن المجتمعات العربية والاسلامية التي تحاول أن تزرع في النفوس،مرض اليأس والقنوط، من خلال إشاعة الفشل،كظاهرة مستحكمة لا يمكن للمرء تجاوزها ،فهنالك (برامج)تتناولها الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي ،بوعي مسبق أو بدونه،تركز على إن من يفشل مرة،سيبقى يكررها طيلة حياته!؟، وبذا يكون عاجزا عن تجاوز الصعاب سواء الدراسية أو الحياتية، وبذا تنطبع على ملامحه تلك الصفة المعيبة، ويلجأ الى أساليب ملتوية لإخفائها، بالتوجه الى كل ما يعطل قدراته الذهنية والبدنية،والإنغمار بملهيات غير نافعة،تودي به الى الإصطفاف على رصيف العطل والعجز ،فيخسر نفسه،ويخسره مجتمعه،وبدلا من ان يكون عنصرا نافعا يتحول الى عنصر ناقم ومؤذي ،يهدد مجتمعه ووسطه العائلي،بل يتحول في غالب الأحيان الى جرثومة عدوى تصيب كل من يتقرب منها ويتعايش معها، وبذا يتحول الكثير الى أرض جاذبة لكل الموبقات والانحلال السلوكي، الذي بدأت آثاره تطفو على السطح المجتمعي، فليس من الصحيح، الإعتقاد بوجود فشل دائم، لا يستطيع الفرد الذي يتعرض له،لإي سبب كان،أن يتجاوز كبوته ،فما أكثر المحاولات الفاشلة ،التي صنعت من كثيرين دعائم نجاح بارزة،أهلتهم لتبوء مواقع مهمة ونجاحات باهرة في عملهم بمختلف التخصصات ،فكم من فرد ناله عارض الفشل في دراسته أو بداية حياته، إجتهد
لاحقا ،وحصد جراء جهده المتواصل وتحديه لنفسه ولظروفه،فنال أعلى الدرجات العلمية والمواقع بعرقه وتعبه ، بيد أن الاعتماد على النفس والتحدي في المواجهة ،يدفع المرء الى إختزان طاقات قد تكون مدفونة وغير ظاهرة في بداية حياته ،وتتفجر في مراحل لاحقة ، فهو مثل العاشق الذي لا يحتاج الى من يهديه،حبه هاديه!، والعقل الباطن يظل يعمل باستمرار، والاحساس بإن المزيد ما زال مخزونا بداخلنا،يعد شرارة الانطلاق مجددا،من الفشل الذي تعرضنا له،الى النجاح الذي ننشده، وضمن هذا التفسير ،اجد من المنطقي ، مساعدة الشباب كي نمحو صورة الفشل المخيم على بعضهم ،من خلال النصح والارشاد والاخذ بأيديهم، لا تقريعهم والنيل من ذواتهم،بكلمات نتصور انها تلخص خوفنا عليهم وخشيتنا مما هم فيه ،عبر أسئلة تشكيكية وبإلفاظ جارحة توجه اليهم،وعندها لا يمكن نزع ردها السلبي من دماغه!،فيصبح رده الدفاعي غير محدد ومفتق مثل أسمال شحاذ!.
لذا مطلوب من حكومات الدول العربية والاسلامية، أن تنتبه لهذا الداء الخطير ،وان لا تقف مكتوفة الايدي وكأن الأمر لا يعنيها ،فالشباب هم الامل،وهم الأمانة في الاعناق ،فلا تجعلوا من اخفاقهم في تجاوز معاناتهم وغربة الكثيرين عن بيئاتهم وهم بين أحضانها،موضوعا هامشيا، وأن نتعاون جميعا في هذا المضمار ، لإن عندما يحترق بيت جارك،فإن الأمر يعنيك أيضا ،والكلام موجه أيضا لوسائل الإعلام التي أضحى أغلبها أداة خصبة للخطيئة من خلال ركوب الموجة الغربية ،وأذكرهم بحقيقة غفل بعضهم عنها، بإن كل ما لا نراه بوضوح،يصبح قاتلا..والحليم -كما يقال -تكفيه الإشارة!.