نفايات بغداد.. كنزٌ يُطمرْ أم قنبلة موقوتة؟

زكي الساعدي

في قلب العاصمة بغداد الجميلة الزاهية قلب الوطن العربي ، تتكدس النفايات يوميًا بمعدل يتراوح بين 9,000 إلى 10000 طن، مما يجعل إدارة المخلفات تحديًا بيئيًا واقتصاديًا متزايدًا.

حيث ان معدل إنتاج الفرد العراقي من المخلفات يتراوح بمعدل من  1.2 إلى 1.5 كيلوجرام للفرد يوميًا، تشكل النفايات العضوية منها حوالي 40% من إجمالي المخلفات، وهي نسبة يمكن استغلالها بطرق مستدامة لو توفرت البنية التحتية اللازمة.

إدارة متعثرة وبيئة متضررة

على الرغم من الجهود السابقة لإنشاء معامل فرز وتدوير النفايات، إلا أن هذه المشاريع توقفت منذ عام 2014 بسبب الأزمات المالية، ما أدى إلى الاعتماد على الطمر والحرق التقليدي كأساليب رئيسية للتخلص من النفايات. هذه الطرق لا تكتفي بتلويث البيئة، بل تُفاقم المخاطر الصحية للسكان وتساهم في انتشار الأمراض.

النفايات كوقود مستدام؟

لا تقتصر النفايات على كونها عبئًا، بل تحمل في طياتها فرصة ثمينة لإنتاج الطاقة. فعند حرق طن واحد من النفايات:

            •           النفايات الصلبة تولد 6 إلى 12 جيجا جول من الطاقة، أي ما يعادل 1.7 إلى 3.3 ميجا واط-ساعة.

            •           النفايات البلاستيكية والمطاطية تولد طاقة أعلى، قد تصل إلى 30-40 جيجا جول، أي 8.3 إلى 11.1 ميجا واط-ساعة.

الكهرباء من القمامة:

هل هو واقع ممكن ؟ للإجابة على هذا السؤال يجب الاطلاع على الدراسات والتقنيات الحديثة في محارق النفايات المتطورة، حيث يتم استغلال الطاقة الناتجة لتوليد الكهرباء أو البخار. وبحسابات مبسطة، فإن حرق طن واحد من النفايات يمكن أن يولد حوالي 2.5 ميجا واط-ساعة من الطاقة، ومع كفاءة تحويل تصل إلى 25%، يمكن لهذا الطن الواحد أن يجهّز ما بين 15 إلى 30 منزلًا بالكهرباء ليوم واحد، أو منزلًا واحدًا لمدة 15 إلى 30 يومًا.

نفايات العراق: أزمة بحجم وطن

تشير الإحصاءات إلى أن إجمالي كمية النفايات المرفوعة في العراق بلغت حوالي 11 مليون طن سنويًا، مع إنتاج يومي للفرد يصل إلى 1.5 كجم، مما يضع ضغطًا هائلًا على أنظمة إدارة النفايات. الأكثر خطورة، أن 30 ألف طن من النفايات الصلبة والمخلفات الطبية تُطمر يوميًا في بغداد وحدها بطرق غير صحية، مما يفاقم الأضرار البيئية والصحية.

مع ارتفاع معدل إنتاج النفايات بنسبة 30% بين عامي 2017 /2025، أصبحت الحلول ممكنة لمستقبل مستدام وامست الحاجة ملحّة لتبني حلول بيئية مستدامة، مثل:

            •           إنشاء محطات حديثة لتحويل النفايات إلى طاقة.

            •           تشجيع مشاريع إعادة التدوير وتقليل الاعتماد على الطمر العشوائي.

            •           إطلاق حملات توعية لتقليل المخلفات وفرزها من المصدر.

النفايات في بغداد والعراق ليست مجرد مخلفات، بل يمكن أن تكون موردًا اقتصاديًا هامًا إذا ما تم استغلالها بالشكل الصحيح. فهل سنشهد تحولًا نحو إدارة مستدامة للنفايات، أم ستبقى هذه القنبلة الموقوتة تهدد البيئة والصحة العامة؟

استشاري طاقة