تأهيل ملجأ العامرية وتحويله إلى متحف يخلّد ضحايا المجزرة الأمريكية
بغداد - ندى شوكت
بدأت دائرة المتاحف العامة في هيئة الآثار والتراث، أعمال صيانة وتأهيل ملجأ العامرية ببغداد، تمهيدًا لتحويله إلى متحف تاريخي يخلّد ذكرى المجزرة المروعة التي راح ضحيتها المئات من المدنيين العراقيين إثر القصف الأمريكي عام 1991. وأكدت مدير عام الدائرة لمى ياس الدوري في بيان تلقته (الزمان) أمس إن (وفداً من وزارة الثقافة ودائرة المتاحف العامة، يضم ملاكات هندسية، زار الموقع واطّلع على أعمال التأهيل الجارية)، وأضافت إن (الهدف من المشروع، هو تحويل الملجأ إلى معلم تذكاري ومتحف يوثق هذا الحدث الأليم، ويخلّد ذكرى الضحايا، ويُسهم في الحفاظ على الذاكرة التاريخية للعراقيين)، وأشارت إلى إن (هذه الخطوة تأتي استناداً إلى توجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبإشراف الوزير أحمد فكاك البدراني). وفي فجر الثالث عشر من شباط عام 1991، استيقظ العراقيون على واحدة من أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ المعاصر، حين استهدفت غارتان جويتان أمريكيتان ملجأ العامرية الواقع في حي العامرية ببغداد، مستخدمتين قنابل ذكية ألقتها طائرتان من نوع اف 117، في ذروة حرب الخليج الثانية، وكان الملجأ حينها مأوى آمناً لعشرات العائلات الهاربة من نيران الحرب، أغلبهم من النساء والأطفال، فتحوّل في لحظات إلى مقبرة جماعية، حيث استشهد أكثر من 400 مدني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وسط أجواء من الرعب والمأساة. وسوغت القوات الأمريكية الهجوم بادعاء أن الملجأ يستخدم كمركز للقيادة العسكرية العراقية، إلا أن الوقائع أثبتت أن الطيران الأمريكي كان يحوم حول الموقع لليلتين متتاليتين، ما يشير إلى أن الاستهداف كان متعمداً، وليس ناتجاً عن خطأ استخباراتي كما زُعم لاحقاً. ووسط ركام الخراب، طُمست أحلام، وخمدت ضحكات بريئة، وارتفعت صرخات صامتة لعائلات لم ترَ أحباءها مجددًا. ومنذ ذلك اليوم، يُعد ملجأ العامرية شاهداً حياً على فظاعة تلك الجريمة، التي لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية للعراقيين. وفي كل عام، تُقيم منظمة تعايش للإغاثة والتنمية، فعالية تأبينية بحضور عدد من الناجين من المجزرة، إلى جانب مسؤولين وشخصيات وطنية، استذكاراً للضحايا، ومطالبةً بإعادة فتح ملف الجريمة وتحقيق العدالة لمن قضى في تلك الليلة المروعة. كما تتصاعد الدعوات المطالبة بإنصاف شهداء الملجأ. وقالت الناشطة نورهان شيراز في وقت سابق (أنا ابنة شهداء ملجأ العامرية، أحدى القصص التي لم يطوها النسيان ولم تتلاشى من الذاكرة الجماعية للعراقيين، ففي ذلك اليوم الكارثي، فقدت العديد من العائلات العراقية أحبائها تحت الأنقاض، نساءً وأطفالاً ورجالاً مسنين، راحوا ضحية حربٍ لا ترحم)، وأضافت (نحن نعيش في عراق يحاول استعادة أنفاسه من أوجاع الماضي، لذا نطالب بإعادة فتح ملف شهداء العامرية، وتكريم أرواحهم باعتبارهم شهداء قضوا في سبيل الوطن).