الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين يغيب الأمل يصبح  الإنتحار  خَياراً

بواسطة azzaman

حين يغيب الأمل يصبح  الإنتحار  خَياراً

هند الحافظ

 

 أصبحت  ظاهرة الانتحار في العراق   من القضايا الاجتماعية التي تثير القلق، إذ لم تعد  مجرد حوادث فردية أو نادرة، بل تحولت إلى مشهد يتكرر في محافظات مختلفة وبين فئات عمرية متنوعة. هذا التزايد في حالات الانتحار يكشف عن عمق الأزمات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المجتمع العراقي، وخصوصًا فئة الشباب. ففي ظل الضعف الحكومي ، يعاني الكثير من المواطنين من البطالة والفقر والحرمان، إلى جانب ضغوط تتعلق بالعنف  والتفكك  الاسري ، وغياب الدعم النفسي، وانهيار العلاقات الاجتماعية. بعضهم يلجأ إلى الانتحار كخيار أخير للهروب من واقع يبدو بلا مخرج، وهذا ما يجعل الظاهرة أكثر خطورة. ويشكل النساء  نسبة ملحوظة من حالات الانتحار، وغالبًا ما يكون السبب مرتبطًا بالعنف المنزلي أو القمع الاجتماعي، خصوصًا في المناطق التي تقيّد حرية المرأة أو تحرمها من فرص التعبير عن ذاتها. كما أن انتشار المخدرات بين الشباب ساهم في تفاقم الوضع، إذ يؤدي الإدمان إلى اضطرابات نفسية وفقدان الأمل، ما يدفع البعض إلى إنهاء حياتهم. ورغم أن الظاهرة موجودة في مناطق متعددة، إلا أن الإحصاءات تكشف أن بعض المحافظات مثل ديالى وذي قار تسجل معدلات أعلى، ما يعكس تفاوتًا في مستوى التوعية والدعم الاجتماعي.

ما يزيد من تعقيد الأزمة هو ضعف الاهتمام الرسمي بقضايا الصحة النفسية، إذ تفتقر أغلب المدن العراقية إلى مراكز مؤهلة للعلاج النفسي أو برامج حكومية فعالة للوقاية من الانتحار. كما لا يزال الحديث عن الانتحار في المجتمع محاطًا بوصمة العار  ، مما يجعل من الصعب على الأفراد طلب المساعدة أو التعبير عن معاناتهم. إذًا، الانتحار في العراق ليس فقط مأساة شخصية، بل نتيجة تراكمات اجتماعية وثقافية واقتصادية تتطلب معالجة جذرية، تبدأ من بناء منظومة دعم نفسي فعّالة، وتمر بتعزيز القوانين التي تحمي الفئات الضعيفة، وتنتهي بخلق بيئة تمنح الأمل بدلًا من الألم.  

 إن تفاقم ظاهرة الانتحار في العراق لا يمكن التعامل معها كأرقام عابرة أو حوادث فردية، بل يجب أن يُنظر إليها كجرس إنذار يعكس عمق الأزمات البنيوية التي يعيشها المجتمع. إن مواجهة هذا التحدي تتطلب إرادة حقيقية لإعادة الاعتبار للصحة النفسية، ورفع مستوى الوعي، وتعزيز العدالة الاجتماعية. لا يكفي أن نرثي الضحايا بعد رحيلهم، بل لا بد أن نبدأ بحماية الأحياء، ونبني لهم بيئة سليمة تحتضنهم في ضعفهم قبل قوتهم، وتوفر لهم كرامة الحياة قبل أن يُفكروا في الموت. فحين نمنح الناس أملاً، نمنع عنهم اليأس، وحين نصغي لصراخهم الخفي، نُغلق أبواب الفقد قبل أن تُفتح


مشاهدات 67
الكاتب هند الحافظ
أضيف 2025/05/06 - 3:45 PM
آخر تحديث 2025/05/08 - 4:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1072 الشهر 9793 الكلي 11003797
الوقت الآن
الخميس 2025/5/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير