لميعة عباس عمارة.. يوم بلغت الثمانين واصيبت بالكآبة ماذا قلنا لها؟
قاسم حسين صالح
يعدّ كتاب طالبي الذي فارقنا مبكرا الراحل الدكتور شوقي يوسف بهنام (لميعة عباس عمارة وهموم الضياع - رؤية نفسية، 2013) اول دراسة سيكولوجية عن شاعرتنا الكبيرة لميعة.
بدءا..لنقدم تحليلا سيكولوجيا لأهم قصائدها،و مؤشرات عن شخصيتها وهمومها وخيباتها في الحب.
· مؤشر (1)
(كل شعري
قبل لقياك سدى
وهباء كل ما كنت كتبت
أطو اشعاري
ودعها جانبا
وأدنو مني
فأنا اليوم بدأت)
بهذا الأهداء اصدرت لميعه مجموعتها (لو انباني العراف ) بين 1972 و1978 وفيه اعتراف بخواء ماضيها وبأنه كان بلا معنى ،والمعنى هنا (الحب )..لأن جميع من عرفتهم كانوا ذئابا بضمنهم شعراء عرب كبار..ما يعني ان الرجل يشتهي المرأة جسدا،وان المرأة الشاعرة صعبة في اختيار من تحب،وياويل المرأة الشاعرة من خيبات الحب!.
· مؤشر (2)
(قال: سأبقي بابي مفتوحا
قلت: وأبقي..
لكن قدمي لن تجتاز الباب المفتوح
لن يمسخني شوقي ..لن تحملني للصلب جروح
قال: أجن بجسمك ..احتاج اليك ، اضمك ،افنى فيك،افت الليل بصدرك
قلت: احبك اكثر..عيناك سماوات وبحور ..صدرك ركن الطير المذعور
قال: اذن تأتين
- ياحبي المطلق لن آتي ..لن اذبح حبي
في لحظة شوق تغتال سنين ..لن اقتل ذاتي //عانق شبحي
في وحشة ليلك ..واغفر مأساتي).
كبرياء لميعه تجعلها تتعالى عن حاجتها الى الجنس مع رجل يشتهيها جسدا،فيما هي تريده وجودا واشتهاء روح.
· مؤشر (3)
(حبيبي انسان كادح
زند اسمر
وجبين مسّده العنبر)
تجسيد لفكرها الشيوعي في حب الكادحين.
· مؤشر (4)
(سندريلا
التي تراها
يضوع العطر منها
وتشتهيها العيون
من بلاط الرشييد زهو عليها
وغموض من بابل ، وفتون
تتهادى، كأنها للقاء مترف
بانتظار "هارون" ).
مثلما ساعدت تلك الجنية الطيبة سندريلا لتتزوج الامير، هاهي لميعه تشتهيها كل العيون..ما يعني ان لدى لميعه يقينا اكيدا بانها فريدة نساء عصرها!فهل كانت كذلك؟ ام
هذا هو حال المرأة حين تكون شاعرة؟
· مؤشر (5)
(سيدتي
مني أنا
أطمئني
فزوجك المصون في أمان
لي رجل أحبه
ولا احب غيره
ولا أحب معه
ولا أحب بعده.. انسان).
لميعه هنا تريد ان تقول: ان الرجال هم الذين يتسابقون عليها، وانها ملتزمة أخلاقيا ووفية ومخلصة لحبيبها، وان المرأة العراقية مصابة بالغيرة المرضية،وتضع نفسها بعيدا عنها في كبرياء وزهو ذات.
· مؤشر (6)
(يعلم الله انني اتعذّب
رهبة من مشاعري اترّهب
لا تقل لي ( أحب )
هذا بعينيك اشتهاء
ونزوة
سوف تذهب
...
ان تراني وحشية التوق للحب
وتبقى معي الرفيق المهذب
أبعد الشعلتين – كفيك- عني
لا تلامس هذا الكيان المتعب
انا رهين الديرين
أنساني الحرمان جسمي
ولذتي ان أصلب)
المعري رهين المحبسين ،الدار والعمى، ولميعة..رهينة الوحدة واشتهاء الرجل لجسد متعب..شقاء اتعبها لترى خلاصها في الانتحار لو تقدر!.
· مؤشر (7)
تدخنين؟
لا
أتشربين؟
لا
أترقصين ؟
لا
ما أنت؟
جمع لا ؟
انا التي تراني
كل خمول الشرق في ارداني
فما الذي يشد رجليك الى مكاني؟
ياسيدي الخبير بالنسوان
ان عطاء اليوم شيء ثان حّلق!
فلو طأطأت..
لن تراني.
في حوارها مع الشاعر (عمر ابو ريشه) ارادت ان تقول له لميعة ان المراة العراقية بل الشرقية عموما هي امرأة سلبية في ادق تفاصيل حياتها التي تتمثل بالانسحاب من عالم الرجل الشرقي المتسلط ، الذي لا هم له سوى اشباع الرغبة ..شعور بالدونية قادها الى الانسحاب الى زاوية من زوايا ذاكرتها المليئة بالاحزان . وهي هنا تذكرنا بنوال السعداوي وغادة السمان وكل اللواتي اتخذن من الشعر او الرواية متنفسا لهن للتعبير عن حال المرأة العربية.
ما قلناه للميعة حين بلغت الثمانين:
الى الشاعرة لميعة عباس عمارة
بلغني أن شاعرتنا الرائعة..لميعه عباس عماره تعاني من اكتئاب وميل للعزلة بسبب قرب بلوغها الثمانين ..واليها هذه الكلمات:
صوت الأنا(لميعة) *
صدك راح ادك باب الثمانين
واعجّز مثل باقي النساوين ؟!
وصدك ذاك الخديد السبه السياب
وتمنه زيارته ساده وعناوين
وصدك ذيج الشفاف العاجنه
الجوري على هيل وياسمين
وذيج العيون الطايره مثل الحمامات
وتوزّع رسايل عالمحبين..
صدك كلها تتعقج! وصيرن ناطره الموت ؟!
وافز مرعوبه من اشوفن بالحلم تابوت!
لون عرّافي أنبأني بأن تالي العمر افضع من الموت
لصحت بصوت : ردوني على حضن أمي
لو ابوس أيد الله ..ياخذني يمه وآنه بالخمسين.
* صوت العراقيين
لميعه انت النخل وانت البساتين
وانت الرطب باول نزوله
وانت بالنسب ..بنت الحموله
لأن أهلك عراقيين
وخلانك اهل الهوى
الصاحين منهم والمجانين!
و ذوك النشامى الشابجت أيدك اديهم وانت باولهم تهتفين:
عوفوا وطنه يالأجانب..هذا الوطن لهله الطيبين
*
لميعه انت القصيده العالجرح تنزل..وتركّص الدمعه بالعين
يم حجي الحلو يمونسه الدواوين
تبقين ذيك انت اشما تكبرين
لأن من يوم ربج صورج
نكعج بماي الورد *
والخصّه الله بها الصفه
وطعّمه حب ومعرفه
يظل حلو ..اشما مرت اسنين
وتبقين طير الحب ببيوت العراقيين!
******
: من قولها
ارد اسالك وبحسن نيه
ومحلفك بالله ترد
ربك بيوم الصورك
كم يوم كلي نكعك بماي الورد!
*
تقول لميعة في اهداء ديوانها الشعري:
( كل شعري قبل لقياك سدى ..وهباء كل ما كنت كتبت
اطو اشعاري ودعها جانبا وادنو مني فانا اليوم بدأت)
وتقول:
(باريس حلوه..بس بغداد احلى
ليش المحبه وقف بس على اهل بغداد)
فعلا..ليش؟!