أتركوا سوريا للسوريين.. وانشغلوا بأوطانكم
أكرم عبدالرزاق المشهداني
في الثامن من ديسمبر 2024 انتصرت ثورة الشعب السوري، وهرب الطاغية بشار بعد سقوط نظام حكمه الطائفي الدموي، بعد ثورة شعبية سورية امتدت على مدى (14) عاما وكلفت الشعب السوري ملاييناً من القتلى والجرحى والمُغَيَّبين والمهجرين والمهاجرين، هرب بشار نحو روسيا التي ساندته في طغيانه، وتخلت عنه في النهاية، بعد ان وقفت معه وبجانب ايران في قتل السوريين وتدمير مدنهم، لكنها لم تجد مفرا من التخلي عن بشار ونظام حكمه بعد ان تمكنت قوات تحرير سوريا من تحرير المدن السورية واحدة تلو الاخرى، حتى سقطت دمشق يوم انتصار الثورة وقامت طائرة روسية بنقل الرئيس المخلوع وعائلته الى موسكو مع مبلغ (2) مليار دولار.منذ سقوط طاغية دمشق ونظام حكمه، وتولي هيئة تحرير الشام القيادة الفعلية للثورة البيضاء، تعرض النظام الوطني الجديد الى سلسلة من الهجوم من اطراف عديدة تسعى لتأمين مصالحهأ، ووصلت الحملات المعادية الى حد الطعن الشخصي بقائد الثورة (السيد أحمد الشرع) واتهامه بانه ارهابي سابق، اشتغل مع القاعدة ثم مع داعش، ثم مع جبهة النصرة. ومعلوم ان الشرع دخل العراق قبل الاحتلال، مع مجموعات ممن سمّوا في وقتها بـ (المجاهدين العرب) الذين تطوعوا لقتال الامريكان ومن معهم من قوات غزو العراق بداية عام 2003، وقبل ان تدخل (القاعدة) و(الزرقاوي) للعراق بعد 2004.
وتم اعتقال الشرع من قبل الحيش الامريكي في معسكرات الاعتقال لحين هروبه من الاعتقال ومغادرته الى بلاده سوريا. وانشغاله بقيادة هيئة تحرير الشام. كما تجاوزت الهجمات الاعلامية ضد الشرع حد النقد والاتهام بالارهاب، الى حد الطعن الشخصي بالعرض والنسب والثراء غير المشروع وارتدائه ساعة يد تقدر بالملايين؟ وارتداء بدلات غالية الثمن؟ وهو اسفاف واضح في الخصومة. ورغم ان التغيير السوري لقي ترحيبا دوليا واسعا وتوالت الوفود الرسمية تزور دكشق لتقدم التهنئة للرئيس الجديد احمد الشرع، وكان موقف معظم الاقطار العربية مرحبا بالثورة وزار دمشق العديد من الوفود العربية والاوربية الرفيعة، وتسلم الشرع برقيات التهاني من جميع الاقطار العربية عدا العراق وايران.. وهو موقف غريب غير مفهوم، ان الموقف الرسمي العراقي تجاه الحدث السوري المهم، مازال مرتبكا، بين الصمت وبين الموقف الحيادي وانتظار ما تسفر عنه قابل الايام، وبين موقف اخر متطرف وموالي لإيران التي تشعر بالاسى والاسف لضياع سوريا من بين يدي نفوذها وخروج سوريا من دائرة النفوذ الايراني الداعم لحكم بشار الاسد، لذلك سمعنا من يتهم الشرع بانه كان (ارهابيا) وصار في اعلى منصب بالجمهورية العربية السورية، ويلمح الى ان العراق لن يتعامل مع (حاكم ارهابي)، متناسيا ماضي العديد ممن طعنوا في الشرع، وتورطهم بأعمال ارهابية مشهودة ومعروفة، ومنها اغتيال الضباط العراقيين السابقين، واغتيال العلماء وغيرها من الافعال الارهابية.
إن الشأن السوري يهم السوريين وحدهم، والسوريون عانوا على مدى نصف قرن من بطش نظام طائفي متوحش، سفك دماء مئات الآلاف من السوريين، وان الشعب السوري اليوم بمعظمه يقف مع النظام الجديد، كما ان هناك ضمانات دولية قدمت للأطراف الدولية المختلفة ان النظام الجديد سائر في درب المصالحة الوطنية والحفاظ على حقوق جميع الاقليات وعدم اقحام سوريا في مشاكل مع جيرانها، وان هناك مساع جدية لتشكيل جبهة واسعة تضم جميع القوى الوطنية السورية دون تهميش ولا تمييز، تمهيدا لتشريع دستور سوري جديد يكفل الحقوق لجميع السوريين. فاتركوا السوريين وشأنهم ولا تقحموا انفسكم في شأن لا يخصكم وانشغلوا باحتياجات شعبكم وكونوا قدوة لغيركم.