الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سوريا الجديدة من العمامة إلى الطربوش

بواسطة azzaman

سوريا الجديدة من العمامة إلى الطربوش

سيف السعدي

 

تحولت سوريا من المعادلة الإيرانية إلى المعادلة التركية وكلتا الدولتين كغيرهما في المنطقة سعتا من اجل توسيع رقعة نفوذهما في المنطقة، ولكن من خلال استخدام أدوات وقنوات سياسية وثقافية وفواعل دولية وغير دولية مختلفة، فضلاً عن الجانب الايديولوجي، وعلى الرغم من سعي إيران من خلال استخدام القوة الناعمة لفرض نفسها كأحد اللاعبين الدوليين السياسيين في قضايا الشرق الأوسط إلا أن وجودها ككيان سياسي في المنطقة أصبح مصدر توتر وقلق لجميع دول المنطقة، وما أرادت تحقيقه من خلال استخدام مفهوم القوة الناعمة ليس الهدف منه سوى الرغبة بتحقيق أهداف ومصالح توسعية متشعبة تهدف من خلالها تحقيق مصالحها وبما يحسن من مستواها التفاوضي بخصوص برنامجها النووي، معتمدة على اذرعها والتي تهديد الأمن والسلم الإقليمي والداخلي بين دول المنطقة، كاحد اوراق اللعب في السياسة الخارجية الايرانية، ولكن هذه السياسة جعلت إيران تخسر الكثير لاسيما معادلة لبنان وما تعرض له حزب الله، فضلاً عن انتخاب رئيس للجمهورية جوزيف عون، ورئيس مجلس الوزراء سلام نواف خارج معادلة حركة امل وحزب الله، وخسرت سورياً ايضاً، وهذا يعني انخراط ضمني في معادلة الشرق التوسط الجديد، بالمقابل حصلت متغيرات في سوريا كانت لصالح اردوغان وهو الرابح الوحيد لما يجري داخل الساحة السورية حيث وحد الفصائل وقطع خط امداد لما يعرف ب «الهلال الشيعي» او «الحزام الشيعي»، ويعمل جاهداً إلى انهاء سيطرة قسد وتجريدها من السلاح، لان تركيا عضو مهم في حلف الناتو وتريد ترتيب يراعي امنها القومي.

مرحلة انتقالية

والمفتاح الان بيد رجب طيب اردوغان لاسيما بعد اختيار الشرع رئيساً للجمهورية السورية للمرحلة الانتقالية، والذي يمثل اجندات تركيا في كثير من التفاصيل.

المجتمع السوري وحتى العراقي مجتمع مدني ويمتلك ثقافة سياسية عالية لا يرغب بحاكمية المشايخ والحجاج او الملالي، ولكن بسبب الصراعات الداخلية والمشاكل جعلت البلدين ضمن خيارات صعبة مابين العمامة أو الطربوش، وضمن صراع الايديولوجيات في حين العمر الافتراضي للأيديولوجيات انتهى مع التحول بالمسار التاريخي الذي غادر القومية والدينية والاسلامية والمذهبية، ولكن للاسف مازل هناك مغذيات لهذه السرديات والخطابات والقراءة المبتورة للنصوص الدينية والعقائدية ولويها من اجل تحقيق مصالح العمامة والطربوش عن طريق ادوات وادوار لتنفيذ مايريد صانع القرار على حساب مايريد الشعب، وسوريا وفق الادارة الجديدة تمثل ساحة يحاول المشروع التركي أن يتمدد من خلالها، بينما تشهد الساحة ذاتها انحساراً للمشروع الإيراني، وهنا اقول انحسار وليس انتهاء، فإيران دولة يقوم الإطار النفسي لسياستها ودستورها على تمدد مصالحها خارج حدودها بحجة نصرة الشعوب المستضعفة، بينما تركيا وتركيا لنفس الاسباب ولكن بصيغة مختلف فضلاً عن التدخلي الاسرائيلي بالحجج ذاتها.

نظام سوري

بالمقابل تريد الإدارة الإيرانية استغلال أي تحديات ممكن تواجهها من اجل خلق فرص لها ومن ثم تستغل ورقة الأكراد وتوتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وتأجيج الفوضى داخل سوريا عبر استغلال استياء المسيحيين والعلويين وفلول النظام السوري السابق وربما تخلق بعض الجماعات التي ترفع شعارات تندد باحتلال إسرائيل لبعض الأراضي السورية لخلق مقاومة جديدة، وهناك معادلتان لايران تستطيع عن طريقهما التعامل مع الادارة الجديدة في سوريا الاولى قسد والثانية الاسلام السياسي (الاخوان). تمثل سوريا الجديدة فرصة لتوسع نفوذ تركيا على البحر المتوسط، وربما تعمل على إبرام اتفاق بحري مع الحكومة السورية الجديدة، وكذلك تمثل سوريا نقطة انطلاق اقتصادي مهمة تربط بين تركيا والعالم العربي وجنوب آسيا وغربها وأوروبا، فضلاً عن طموح تركيا إلى أن تكون نقطة عبور استراتيجية للطاقة نحو أوروبا وسيسهل موقع سوريا لتركيا هذا الهدف بدلاً من العراق ومنطقة إقليم كردستان هذا ما يخص الملف الاقتصادي اما الملف السياسي والامني فان تعليمات واملاءات تركيا واضحة على الادارة السورية تبلورت عن طريق حل الجيش السوري وهذا خطأ فادح على غرار التجربة العراقية بعد 2003 عندما تم حل الجيش العراقي، والمشكلة تكمن هنا في العقلية الحاكمة والتي تريد ان تحكم لا تغادر النزعة الراديكالية الانتقامية الى العدالة الانتقالية، ولا تفصل بين عقلية النظام السياسي وبين دولة المؤسسات كون الفاعل الداخلي يتأثر بتوجيهات صانع القرار الخارجي، والشعب السوري يقيناً لا يريد استبدال العمامة الايرانية بالطربوش التركي وانما يريد دولة مؤسسات ذات سيادة كاملة فيها المواطن محترم على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم.

 


مشاهدات 72
الكاتب سيف السعدي
أضيف 2025/02/03 - 12:20 AM
آخر تحديث 2025/02/03 - 6:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 453 الشهر 1482 الكلي 10296853
الوقت الآن
الإثنين 2025/2/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير