كسب الجمهور من سِيادة المسؤول
علي أحمد الزبيدي
قبل أيام صدّر مؤلف من الاتحاد الدولي للمبدعين في العراق بعنوان (تقنية وثقافة الإبداع في العراق) لمجموعة باحثين عراقيين، ورغم أني أحد كتّابه، إلا أني أطلتُ القراءة فيه وخاصة في فصله الرابع، لما لفت انتباهي شيء، أن هذا الفصل غني بالأسماء المبدعة وأغلبهم عاشوا في الزمن الجميل، فكانوا بحق أفراداً يُشار لهم بالبنان، لم يكن واحد منهم مسؤولاً في الدولة أو في صنع القرار وإن كان كذلك، فتراه حدياً غير مُجامل، يضع نصب عينيه كلمة الحق والعلم أولاً..
أما ما نعيشه الآن فحتى قضية اختيار المبدعين أصبحت تقاس بالمجاملة والمحسوبية والمنسوبية، لا يوجد شيء اسمه معيار حقيقي، وإنما مُجاملة لمن ينتمي لجهة ما أو لديه نسبة مشاهدات في (السوشيل ميديا)، والسبب يُعزى لتدخل من لا دخل له وهم المتنفذون في هذه الدولة، فلا يوجد شيء إلا وحشروا (أنوفهم) فيه.
فهم إذا أرادوا أن يهتموا بمؤسسة أو فرد مؤثر فهذا ليس حباً وإنما لكسب (الأصوات) إن كانت لأجل البقاء
في المنصب أو لغرض الصعود في مواقع أخرى، وهذه الحركات تمكنهم من الضحك على عقول بعض شرائح المجتمع السُذّج.
الآن أصبحت السياسة أكثر دهاءً ومكراً، فتوهم المجتمع بأن المسؤول يعمل لأجل الإفادة وليس لغرض اعتلاء المنصة.
حركة الحكومة الحالية جعلت من المجتمع بين أمرين، الأول بأنها تعمل بجد وإخلاص وهذا لم يكن موجوداً في السابق وإن كان فهو ضئيل، والأمر الثاني بأنها استغلت الساحة والاستقرار الأمني والاقتصادي والشعب يُدرك بأنها جاءت بتوصية الأحزاب التي تحكم هي بالحقيقة، والأمر واضح للعيان.
وفي تلك الحالتين فإن ذلك أهون مما كان عليه سابقاً.
فنحن نعيش اليوم زمن التلون والاصطناع بدأ من الوزير إلى غاية أصغر مسؤول في الدولة، فترى أفعالهم جميعها أمام الكاميرا وهذا موجه من قبل أحزابهم، اكسبوا عواطف ومشاعر الناس، فالشعب أمسى بذاكرة شبيهة للأسماك، ينسى بسرعة وينفعل بأسرع.
الآن بدأت الحركة اللولبية للأحزاب وقادتها في بث الدعايات الانتخابية مع قرب موعد الانتخابات، فأبرز هذه الدعايات حركة السيد الحلبوسي في الذهاب إلى
ملعب نادي الزوراء الرياضي وكسب الجمهور مدعياً حسب قوله بأنه مشجع رياضي، رغم أن نادي الزوراء وجمهوره موجودين منذ سنين على ملعبهم وملاعب أخرى ولم يظهر الحلبوسي مشجعاً او مهتمًا في قضية الكرة طيلة الفترة المنصرمة الماضية..!
هذا يُسمى العقل السياسي الناجح، وهو أن تأتي بحركات جديدة بعيداً عن المنهجية السابقة وهي الضبط والقوة والحزم والبناء، فالناس تريد الآن (فلوس) و (وناسة) و (تعيينات) وليذهب البلد إلى غير رجعة.. ولنا عودة.