وفي قلبك الرجوع
محمد علي الحيدري
مكة المكرمة
ها أنا أخرج من حضنكِ يا مكة
كمن ينزع قلبه بيديه،
لا وداع هنا، بل انشطار في الروح
حيث كل ذرة مني تظل معلقة
على جدران الحرم،
وفي ظل الكعبة،
وفي ارتعاشة ماء زمزم حين يلامس الشفاه.
يا أم الضوء، يا موطن السر
غسلتني أنفاسك حتى صرت نقيا،
متخففاً من كل ما أثقلني،
وفي صدري الآن صدى خطاي حولك،
خطى تبحث عن نفسها
بين سجدة وسجدة.
كيف أتركك؟
وأنت لست مكانا
بل نبضا يمتد في عروقي،
سماءً تمطر يقينا على ظمأ القلب،
ترابك ليس ترابا
بل بقايا من نور الله
تسكن بين أضلعي.
أنا لا أودعك،
بل أدفن فيك جزءا مني
على أمل أن ينبت شوقا،
أن يكبر حتى يعيدني إليك
راكعا، باكيا، عاشقا
كما كنت… وكما سأكون.
في عينيك يتنفس السر
وفي صمتك يتجلّى الدعاء
أنتِ الحنين قبل أن يُولد الحنين
وأنا العائد رغم الغياب،
العاشق رغم المسافة،
المنتظر رغم كل شيء.
يا مكة،
في قلبي درب لا ينتهي إليك
وفي روحي رجوع لا يعرف الفقد.
وعد،
وصلاة،
وحنين