فاتح عبد السلام
الدوائر المراقبة تقرأ مؤشرات غير طيبة في العلاقة بين العراق وسوريا.
هذه الأجواء متشنجة ومتكدرة لأسباب الولاءات السابقة لمحور ايران من جهة ولمخابرات الأسد من جهة ثانية، ولا يمكن ان تمر من خلالها حالة طبيعية للعلاقات بين دولتين أساسيتين في المشرق العربي. وقد وجدنا ذلك متجلياً في السماح بإهانة علم دولة مجاورة من دون ان يصدر صوت عقلاني رافض لمحاولات جر البلد الى حقل الألغام.
وجود مسؤولية اعتبارية لحكام العراق تحتم تجاوز كل عثرات الماضي، وتقديم خطوط حسن نية للطرف الذي قامت أطراف في العراق باستهدافه تحت شعارات ثبت كذبها، وتحت رايات ظهر انها تغطية لتجارة الكبتاغون وتنفيذ العمليات القذرة في الشرق الأوسط وكان العراق أول المتضررين منها.
العراق، من المفترض ان يكون دولة تغلب كل المسميات مع عمق تاريخي عربي، لتكون الدولة الأولى في الانفتاح على الحكم الجديد في دمشق من اجل المصالح العراقية أولاً وآخراً، والخروج من دهاليز وأنفاق ادخلته فيها قوى خارجية وداخلية لصالح اجنداتها سنوات طويلة.
نعرف انّ العوامل الشخصية والنفسية لعدد من قيادات الصف الأول تمنع العمل على بناء ملف الاستجابة للتعامل مع بلد تحرر من نظام دموي طائفي مخدراتي واختار نظامه السياسي الخاص به.
في الأول والآخر، هناك العراق المجاور الذي من المستحيل اختصاره برؤى منحرفة وفردية ومشوهة، و لا يمكن ان يبقى رهين أحقاد ثلة من السياسيين الذين يدفعون باتجاه اللعب بورقة نار جديدة مع سوريا ومن أبواب أخرى، دائرين في فلك مظلم.
سياسة التضاد والتعارض مع سبق الاصرار مع سوريا اليوم تثبت انّ التعاطي السابق لم يكن اضطرارياً وانّما كان اختيارياً في دعم نظام اجرامي، لبس ثوب حزب مرضي عنه هناك برغم من أنه محرّم ذكره هنا.
ما قاله مدير المكتب الإعلامي السابق لبشار الأسد في احدى القنوات قبل أيام حول استقبال المرشد الإيراني الأعلى لبشار الأسد وتنبيهه الى لا جدوى الالتجاء الى الحضن العربي مرة ثانية، يسلط الضوء على مسار كثير من المواقف الخاضعة للضغوط والتي ستنطلق من العراق نحو سوريا.
في المحصلة لا يمكن ان يبقى العراق يدور في فلك أمنيات، اذ رأيناه مراراً يتمنى تحقيق شعاراته في أن ينأى بنفسه عن الصراعات التي هو في قلبها، وقد تكون الظروف أحياناً اقوى من إمكاناته، لكنه يستطيع ان يصنع الفرص الخاصة به في مجاله السيادي الحر، ولا يترك للآخرين الإفادة منها.
من يردد التحذير من تكرار السيناريو السوري في العراق، انّما هو جزء من حالة اللا دولة، وحالة اللا استقرار.