فاتح عبد السلام
كلّ الذي كانت تحشده ايران من وسائل عسكرية وتعبوية لبسط النفوذ والتدخل في دول شرق أوسطية ، يستند الى نظرية استراتيجية أساسية هي نقل اية معركة أو مواجهة مقبلة مع الولايات المتحدة او سواها الى خارج ايران وجعل الأطراف المتحالفة والولائية والمساندة تتحمل العبء السوقي واللوجستي والبشري في تلك المواجهات التي تتوقع ايران انَّ ذروتها ستكون حول البرنامج النووي الذي تفشل المفاوضات بشأنه دائما، في حين انّ عملية تخصيب اليورانيوم المنضّب بلغت نسبة ستين في المائة بما يقرب من الدرجة المؤهلة لصناعة القنبلة النووية. والتسريبات الأخيرة في واشنطن اشارت الى انّ إدارة الرئيس المغادر جو بايدن ناقشت خطة تدمير البرنامج النووي لإيران استنادا الى اعتقاد سائد في الأوساط الاستخبارية الأمريكية يفيد بأنّ إيران قطعت الأشواط الأصعب والفترة اللازمة لبلوغ العتبة النووية وانّه من العبث التفاوض على حقائق أمر واقع، وانّ الحل الوحيد هو في تنفيذ التزام واشنطن منع إيران من السلاح النووي، حتى لو كان ذلك بالتدمير.
مع مجيء الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستكون جميع الاستحقاقات المؤجلة على طاولة القرار. وباتت إيران أيضاً أمام واقع جديد مستحق، خارج نظريتها السابقة في المواجهة بالنيابة بعيداً عن أرضها، فلم يعد لها أذرع ضاغطة ومؤثرة لتحركها في قطاع غزة أو في لبنان وسوريا، والوضع الولائي في العراق غير مؤهل تماما لخوض معركة بالوكالة عنها لمئات الأسباب. اذن المواجهة المتوقعة أو المفترضة في أسوأ الحالات، ستكون في سياق نظرية مواجهة عسكرية جديدة بين إيران وحدها والولايات المتحدة وربما إسرائيل معها.
جهود مضنية لعقود من الزمن لم تعد ذات قيمة معيارية مرجحة في ميزان المواجهة الإيرانية الامريكية الحتمية، إذا لم يحدث خرق سياسي نوعي وكبير في انهاء ازمة الملف النووي الإيراني وملحقاته للأبد.
المشهد هو ببساطة، إيران عارية من الاغطية والدروع المنتشرة لها في الشرق الأوسط. وإذا لم تكن إيران عارية فإنّ حلفاءها اليوم باتوا عراة، لذلك ستكون النتيجة واحدة.