فاتح عبد السلام
الكلام الدولي والمحلي يتجه حول التحضير لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا، سيكون بمثابة عتبة تأسيسية للنظام السياسي والوضع العام لبلد منهك ومحطم نهبه آل الأسد وهربوا بمئات الملايين من دولارات الكبتاغون الى روسيا فيما اقتصاد البلد تحت الصفر.
في العراق ذات يوم بعيد الاحتلال الأمريكي قامت جمعية تأسيسية وطنية اجتمعت عدة مرات لوقت قصير قبل ان ينتهي وجودها الذي لم يكن اكثر من اثقال الموازنة العامة للدولة حتى الساعة برواتب مليارية، ليست اكثر من هدر علني موثق للمال العام من دون رقيب.
سوريا حررها أبناؤها، وهي مختلفة عن وضع العراق، ولكن لابد من الوقوف عند الأخطاء الجسيمة التي جرت في العراق وبددت نواة القوى الوطنية التي كان يمكن ان تتطور وتكون بديلا لنظام عملية التقسيم الطائفي السياسي الذي جرّ الويلات على البلد.
هناك واهمون في العراق حتى الان، يجبرون المراقب على ضحك كالبكاء، اذ يعتقدون انّ البلد اجتاز منذ سنوات بعيدة ما يجب أن يجتازه السوريون بعد شهر من تحرر بلادهم، وانَّ الوضع السياسي العراقي موهل لإسداء النصيحة لدول الجوار في ضبط المسار السياسي نحو مستقبل مشرق. لكن هناك شذرات في المشهد السياسي العراقي كتلك التي وردت على لسان رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني تؤكد ان البلد لايزال يراوح في مرحلة ما قبل الدولة وما قبل التماسك الاجتماعي والانتماء الوطني السياسي، اذ دعا الرجل، في تلخيص للتجربة التي عايشها وعمل في مفاصلها القيادية العليا منذ الساعات الأولى قبل اثنين وعشرين عاماً الى اعتماد ورقة سياسية مهملة منذ سنوات، ” هذه خلاصتها بحسب المشهداني «اعادة النظر بالدستور تمهيداً من تحويل العراق من دولة المكونات الى دولة المواطنة”.
وأكد رئيس البرلمان العراقي، أن “النظام السوري لو تصالح مع المعارضة لكان له شأن آخر ولكنهم تقاعسوا ولذلك ينبغي ان نغادر عقلية المعارضة في بناء الدولة”.
وأشار أيضا إلى أن “لا تزال بعض القيادات تتعامل بعقلية المعارضة وهذا تهديم وليس بناء”
وطبعا قال هذا المسؤول الصريح أيضا ان الوفد العراقي نصح الإدارة السورية الجديدة باعتماد دولة المواطنة وليس المحاصصات، كما هو حال العراق.
هنا الكلام واضح ولا يحتاج تعليقاً، كونه يلخص حقيقة ان الدولة التي ينشدها العراقي لم تقم بعد.
الآن يبدو الاستحقاق واضحا امام الامريكان والاوربيين وجميعا يعيشون ازدواجية وضياعا في فهم معنى الدولة الوطنية التي ينشدها العراقيون، هذا الاستحقاق هو ببساطة قيام دولة المواطنة في العراق. مَن بحاجة لمؤتمر حوار وطني قبل الآخر ، العراق أم سوريا؟