محنة قبل

عبد الكاظم محمد حسون

البعض مصيب عندما يقارن الحاضر بالماضي ولكن من الجانب الاجتماعي وليس من الجانب السياسي فالعلاقات الأسرية والاجتماعية قديما وقبل اختراع وسائل التواصل كانت علاقة حميمية وصادقة وانسانية ضمن نطاق المدينة او القرية حيث الجار يحترم جارة ويهب لمساعدتك في كل ظرف ويقدم له المساعدة وكأن ابناء الحي او المنطقة عائلة واحده يفرحون لأحدهم ويحزنون كذلك تجدهم مجتمعين في السراء والضراء تغيب العشيرة والقومية ويحضر العمل الجماعي مقرون بالتضحية والمحبة اما على الصعيد العائلي ترى العائلة اكثر انسجام وتقارب ومحبة على الرغم من ظروف المعيشه الصعبة وعلى الرغم من صعوبة الحياة بتوفر الخدمات من سكن لأئق وكهرباء وماء فأغلب البيوتات بسيطة ..تجد الأب خيمة يلوذ تحت جنحه أفراد العائلة كبيرا وصغيرا وتجد تلك الجلسات الجميلة شتاء حول مواقد الحطب حيث الحكايات عن الطنطل والف ليلة وليلة او التي تحدث صيفا فوق سطوح المنازل كانت العوائل تعيش ليومها لا تفكر بيوم غدا لأيمانهم الكبير بالله انه هو واهب  الأرزاق وكل انسان الله يكتب له رزقه وعندما يرحل الأب عن الدنيا لأي سبب كان لم تكن هنالك رعاية حكومية تسند العائلة المفجوعة فيتطوع الابن الأكبر ليحل محل الأب فعلى الرغم من صغر سنه تجده يدخل معترك الحياة ليعمل ويكد من أجل إخوانه الصغار وامه حيث يبدو حرصه على رعايتهم وقيامهم بأكمال دراستهم وتوصيلهم إلى مراحل متقدمة من الحصول على شهادات عالية لدرجه انه ينسى نفسه فربما لا يكمل دراسته وربما لا يمنح نفسه فرصة الزواج فيعكس بذلك كل معاني التضحية والفداء والايثار ..كان الماضي جميل بفنه حيث كل الناس تجد  ابصارهم شاخصة نحو شاشه التلفاز الصغير بالابيض والاسود لمشاهدة مسلسل عراقي ومن لا يملك تلفاز يذهب إلى جارة دون حرج وفي اسؤ الأحوال يتجه نحو المذياع حيث تجد صوته يصدع ليصل صوته سابع جار .كان الغناء جميل حيث تجد أجهزة التسجيل منتشرة في المقاهي حيث الغناء الريفي الجميل وحيث الاهتمام بدور السينما وما تعرض من أفلام عربية واجنبية وحتى عراقية يتجاوز تلك الاهتمام إلى قاعات المسرح حيث مشاهدت العروض المسرحية .. فعلا هو العصر الجميل ولكن هذا الجمال كثير من الأحيان يشوه وجهة الجميل منغصات الحاكم حيث الحروب  وفقدان الاحبة والمضايقات الناتجة على سياسة الحاكم بمصادرة الحريات وغياب العدالة والحصار والمطاردات والسجون وخنق الحريات وسياسة الحزب الواحد  وحبس الأفكار والفن والابداع ضمن دائرة الحاكم فيغيب الإبداع .