الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إستراتيجية الإحتواء .. تجذيف ضد التيار

بواسطة azzaman

إستراتيجية الإحتواء .. تجذيف ضد التيار

احمد فكاك البدراني

 

استراتيجية الاحتواء يمكن أن تكون وسيلة فعّالة للوصول إلى بر الأمان ، خاصةً في المواقف المعقدة التي تتطلب ضبط النفس والابتعاد عن التصعيد على مستوى الفرد او المؤسسة او الدولة .

غالبا ما  تعتمد هذه الاستراتيجية على تقليل الخسائر وإدارة المخاطر بذكاء ، مع توفير الوقت والفرصة لإيجاد حلول أكثر استدامة بتسوية معينة او ترويض الخصوم او تحقيق مكاسب معقولة. وقد تكون ناجحة في مجالات متعددة مثل:

السياسة: احتواء الأزمات الدبلوماسية لتجنب النزاعات الكبرى ، كما حدث مع ملف المفاعل النووي الإيراني

إدارة الأزمات: التعامل مع تحديات كالأزمات الاقتصادية أو الاجتماعية والسياسية ، كما حدث مع مفتشي أسلحة الدمار الشامل في العراق قبل عام 2003.

العلاقات الشخصية: معالجة الخلافات بحكمة لتجنب تفاقمها ، كما يحدث بين زعماء الدول المتجاورة عادة لاسيما عندما تكون ثمة مسائل خلافية .

ومع ذلك، نجاح الاحتواء يعتمد على التوازن بين ضبط النفس والعمل الاستباقي ، لأن التركيز الزائد على الاحتواء دون معالجة الجذور قد يؤدي إلى أزمات مؤجلة ، فعملية ملف البرنامج المفاعل النووي الإيراني حققت مكاسب زمنية لطول فترة المفاوضات والبحث عن مستجدات والمساومة  لكسب موضوعات اخرى مقابل التخلي عن المفاعل ، بينما موضوع التفتيش لم يمنع قوات التحالف من ضرب العراق واحتلاله بالنتيجة.

وعلى الرغم من ذلك فان استراتيجية الاحتواء تُعد واحدة من أهم أدوات إدارة الأزمات والتحديات ، وتتميز بقدرتها على التكيف مع الظروف المحيطة لتجنب التصعيد وتحقيق الاستقرار.

أولويات تعامل

تعتمد هذه الاستراتيجية على مبادئ واضحة، منها:

1. التقييم الدقيق للموقف:

فهم جذور المشكلة وتحديد حجمها الفعلي.

التركيز على أولويات التعامل مع العناصر الأكثر خطورة أو تأثيرًا.

2. ضبط النفس وإدارة المشاعر:

تجنب ردود الفعل العاطفية المبالغ فيها ، خاصة في الأزمات الحساسة.

التحلي بالمرونة والهدوء ، مما يمنحك أفضلية في التعامل مع الموقف.

3. التواصل الفعّال:

خلق قنوات مفتوحة للتواصل مع الأطراف المعنية.

استخدام الحوار كوسيلة لبناء الثقة وكسر الحواجز.

4. التكيف مع المستجدات:

مراقبة تطورات الموقف بشكل مستمر.

تعديل الخطط إذا لزم الأمر دون فقدان الهدف الأساسي.

تطبيقات استراتيجية الاحتواء:

في السياسة الدولية: مثل التعامل مع الصراعات الإقليمية عن طريق الدبلوماسية ، بدلاً من الانخراط في حروب مدمرة.

في الاقتصاد: إدارة الأزمات المالية بمنع تداعياتها على القطاعات الأخرى ، كما حدث في إدارة الأزمة العالمية 2008.

في الحياة الاجتماعية: التعامل مع الخلافات العائلية أو المهنية من خلال تهدئة التوتر والعمل على الحلول بعيدًا عن التصعيد.

ومن الجدير بالذكر يمكن القول ..

ان الاحتواء ليس حلاً نهائيًا ، بل هو وسيلة مؤقتة لإبقاء الأمور تحت السيطرة.

ونجاح الاستراتيجية يعتمد على استثمار الوقت الذي توفره لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة.

أما إذا استُخدمت استراتيجية الاحتواء بشكل مـــــــــــفرط دون التحرك نحو حل جذري، قد تؤدي إلى تعقيد أو تأجيل الأزمة بدلاً من حلها.

 ولعلنا نوفق بتشبيه استراتيجية الاحتواء مثل “الــــــــــــتجديف ضد التيار”، فهي تحتاج إلى صبر ومهارة لتوجيه السفينة نحو بر الأمان ، مع اليقين بأن الاستقرار المؤقت ليس غاية ، بل وسيلة لتحقيق الاستدامة.


مشاهدات 28
الكاتب احمد فكاك البدراني
أضيف 2025/01/14 - 9:29 PM
آخر تحديث 2025/01/15 - 11:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 244 الشهر 6733 الكلي 10196698
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير