تحالف الأضداد.. إستراتيجية التلاعب بالمشاعر

احمد فكاك البدراني

 

في عالم السياسة والاجتماع ، تتعدد الأساليب التي تُستخدم لجذب الأنصار وتوسيع القواعد الشعبية.

من بين هذه الأساليب ، تبرز استراتيجية تحالف الأضداد كواحدة من أكثر الاستراتيجيات جدلاً وفعالية في تحقيق المكاسب الشخصية.

 تقوم هذه الاستراتيجية على جمع أطراف متناقضة أو متباينة في التوجهات والمصالح ، ومن ثم التلاعب بمشاعرهم وعواطفهم لتوجيههم نحو هدف مشترك يخدم مصالح القائد أو المجموعة المحورية.

ما هو تحالف الأضداد؟

تحالف الأضداد هو تشكيل جبهة تضم أفراداً أو مجموعات مختلفة الأيديولوجيات  والثقافات، أو المصالح ، بهدف تحقيق أهداف معينة. غالباً ما يبدو هذا النوع من التحالف غير منطقي ، نظراً للتناقض الواضح بين الأطراف المشاركة. ومع ذلك ، فإن هذه الاستراتيجية تعتمد على استغلال القواسم المشتركة الظاهرية أو التحديات المشتركة ، مثل خصم مشترك أو أزمة اقتصادية أو اجتماعية ، لتوحيد الأطراف.

كيف يُستخدم التلاعب بالمشاعر؟

تستند هذه الاستراتيجية بشكل كبير إلى استغلال العواطف البشرية ، وخاصة مشاعر الخوف او الغضب او الأمل او الانتماء. يتم ذلك عبر وسائل متعددة ، منها:

1.خلق خصم مشترك:

يتم توجيه الأفراد ضد “هذا الخصم” المشترك ، قد يكون فرداً او مجموعة  أو فكرة. يُستخدم هذا الخصم كبوابة لجمع الأطراف المتناقضة ، حيث يتم تصويره كمصدر الخطر الأكبر الذي يجب مواجهته ، بغض النظر عن الخلافات الداخلية.

2.التلاعب بالشعور بالانتماء:

يُشعر الأفراد أنهم جزء من قضية أكبر أو حركة “تاريخية” . تُبنى هذه المشاعر عبر خطاب تعبوي يركز على الوحدة والتضحية من أجل المصلحة العامة.

3.استغلال الأزمات:

تُعتبر الأزمات نقطة انطلاق مهمة لتفعيل تحالف الأضداد. في الأوقات العصيبة ، يكون الناس أكثر استعداداً لتجاهل خلافاتهم والانصياع للخطاب العاطفي.

4.الوعود الهوائية:

يقدم القادة وعوداً براقة تخاطب تطلعات الأفراد المختلفة ، على الرغم من أن هذه الوعود قد تكون متناقضة وغير قابلة للتحقيق.

الأدوات المستخدمة في التلاعب

1.الإعلام والدعاية:

تُستخدم وسائل الإعلام لنشر رسائل موحدة تستهدف جميع الأطراف ، مع التركيز على مشاعر الأمل أو الخوف.

2.الرموز والشعارات:

تُستخدم الرموز والشعارات التي تحمل معاني عامة يمكن تفسيرها بطرق متعددة ، بحيث يشعر كل طرف أن مطالبه ممثلة.

3.القادة الوسطاء:

يُستعان بشخصيات مقبولة من الأطراف المتناقضة لتمثيل الجسر الرابط بينهما.

أمثلة تاريخية لتحالف الأضداد

1.الثورات الشعبية:

في العديد من الثورات ، مثل الثورة الفرنسية والثورات العربية الحديثة، نجد أن تحالفات متعددة الأطراف قد تشكلت بين الطبقات الاجتماعية المختلفة ، بهدف إسقاط النظام الحاكم. ورغم نجاح التحالفات في البداية ، إلا أنها غالباً ما تنهار بمجرد تحقيق الهدف المشترك ، نتيجة تضارب المصالح ،

2.التحالفات السياسية:

في السياسة ، يُلاحظ أن بعض الأحزاب أو القادة يتعاونون مع خصومهم الأيديولوجيين لتحقيق مكاسب انتخابية ، كما حدث في بعض الديمقراطيات التي شهدت تشكيل حكومات ائتلافية بين قوى متناقضة. وكذلك التحالفات بين الفرقاء السياسيين قبيل الانتخابات او بعدها ، ترى خصوم الأمس اصدقاء اليوم ، من كانوا يتقاذفون بالسنة كالسياط ، يجلسون معا گ ( ولي حميم ) ، انها المصالح التي تجعل من السياسة فن الممكن ، تبعد القريب وتقرب البعيد ، ولهذا يذهب البعض للقول ان السياسة بلا أخلاق ، وانا اقول غير ذلك ، اقول هناك من ألاعيب السياسة بلا أخلاق ،

المخاطر والعواقب :

على الرغم من أن استراتيجية تحالف الأضداد قد تؤدي إلى نجاحات مؤقتة ، إلا أنها تحمل العديد من المخاطر ، منها:

1.الانهيار الداخلي:

بمجرد تحقيق الهدف المشترك ، غالباً ما تظهر الخلافات ، مما يؤدي إلى تفكك التحالف لانتفاء الحاجه منه .

2.فقدان الثقة:

يشعر الأفراد بالخداع عندما يدركون أن مشاعرهم قد استُغلت لتحقيق مكاسب شخصية ، وخصوصا الذين لم تصبهم بعض المكاسب او تأخرت عنهم.

3.تفاقم الأزمات:

قد تؤدي الخلافات المستمرة بين الأطراف المتحالفة إلى تفاقم الأوضاع بدلاً من حلها ، وخصوصا عندما يطلع البعض على تفاصيل البعض الاخر ، وغالبا ما تكون النوايا مبيتة من طرف واحد على الاقل .

وخلاصة القول ان تحالف الأضداد استراتيجية معقدة تتطلب مهارات قيادية عالية ذات مواصفات معينة  لتتمكن من قيادة لعبة الاستغلال الذكي للعواطف الإنسانية عند الآخرين بغــــــــية إقناعهم بأصل الفكرة.

وعلى الرغم من نجاحها في تحقيق مكاسب شخصية أو سياسية على المدى القصير ، إلا أن تداعياتها على المدى البعيد قد تكون سلبية ، سواء على مستوى العلاقات السياسية والاجتماعية أو استقرار المجــــــــــتمعات. تبقى الشفافية والوعي الجماعي هما الحل الأمثل لمواجهة هذه الاستراتيجيات وكشف أهدافها الخفية.

 وزير الثقافة والسياحة والاثار