الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أوهام التحالفات السياسية وحقائق الجغرافيا

بواسطة azzaman

كونفدرالية الشرق الأوسط الجديد

أوهام التحالفات السياسية وحقائق الجغرافيا

امل الجبوري

 

لقد اشتعلت منطقتنا بالصراعات منذ عقود، مدفوعةً بتحالفات سياسية قائمة على كراهية متجذرة. هذه التحالفات، التي شكّلتها القوى الحاكمة العربية، قد تحوّلت إلى كيانات مخيفة، وسوف تنقلب في النهاية على صانعيها. إن هذه القوى السياسية تفتقر إلى جوهر الواقعية السياسية، وهي التي لا يمكنها أن تتجاهل العوامل الجغرافية.

كيف يمكن لبلداننا أن تعتمد على حلفاء تفصلنا عنهم قارات ومسافات بعيدة، ليس فقط من حيث البعد الجغرافي، بل أيضاً من حيث الأنظمة الاجتماعية والثقافية والعقائدية؟

نظام ايراني

على الرغم من معارضتي للسياسات الهيمنية التي باتت تشكل العمود الفقري للنظام الإيراني منذ سقوط النظام العراقي عبر الغزو الأمريكي، إلا أنني كنتُ دائمًا ضد العقوبات الأمريكية المفروضة على  اي بلد بما فيها إيران. لقد علّمتنا التجربة التاريخية للعقوبات القاسية على العراق أن هذه السياسات، سواء كانت من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها الأوروبيين، هي سياسات ظالمة وغير إنسانية. هذه القوى تتحالف مع تلك التي تدمر الإنسانية من أجل مصالحها الخاصة، بينما تخدعنا بشعارات جوفاء عن حقوق الإنسان—وهي شعارات سقطت بوضوح أمام حرب الإبادة التي تُشن على الفلسطينيين.

إن هذا الموقف العدائي والعنيف تجاه أولئك الذين يقاومون الاحتلال يكشف عن نفاق السياسات الأمريكية والغربية. فهم يدّعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان، ولكن أفعالهم في دعم الأنظمة الاستبدادية والسياسات القمعية تثبت العكس. كل من يعتقد أن تدمير إيران سيجلب الاستقرار للمنطقة هو واهم بشكل كبير، كما كان واهمًا أولئك الذين ظنوا أن سقوط نظام البعث سيحقق الرخاء للشعب العراقي ويحقق الاستقرار في المنطقة بإسقاط ما يسمى بـ”محور الشر”، كما زعم جورج بوش الأب والابن. إن هذه القراءات اختزالية وسطحية، تتكرر في الإعلام والخطاب السياسي، سواء في العالم العربي أو الغربي. هذه السرديات مؤدلجة، وتخدم مصالح الأطراف كافة دون تحليل موضوعي للعواقب الجيوسياسية.

إن سحق إيران كقوة إقليمية وتشكيل تحالفات مع الولايات المتحدة وأذرعها في المنطقة لن يكون كارثياً فقط على الأنظمة الحاكمة في بلاد المشرق العربي ، بل ستكون له تداعيات كارثية على شعوبنا أيضًا. وكما قال ثيودور أدورنو، فقد تحنطت ذواتنا، وأصبحنا عاجزين عن الفعل.

دول الخليج

ومع ذلك، تتطلب هذه اللحظة التاريخية الحرجة في العالم العربي فهماً أعمق. بلدان مثل دول الخليج وتركيا وإيران والعراق يجب أن تنظر إلى ما وراء الصراعات السطحية والانقسامات الطائفية لتدرك أجندة أخطر: مشروع “كونفدرالية الشرق الأوسط”، وهو مشروع صهيوني قديم موثّق منذ زمن في الأدبيات والأرشيفات الصهيونية. هذا المشروع، الذي أشار إليه السير نعيم دنكور في منشوره The Scribe في السبعينيات، يدعو إلى دمج الدول العربية الغنية بالموارد، وخاصة دول الخليج والعراق.

في كونفدرالية تتمتع بحرية الحركة واقتصاد حر، لكن تكون إدارة الثروات تحت سيطرة تل أبيب. كم من قادتنا قد فكروا في هذه الاستراتيجيات الطويلة الأمد؟ كم منهم استشار الخبراء والأكاديميين والمفكرين لتطوير استراتيجيات لإدارة الحياة والصراع والحفاظ على القيم الثقافية والاجتماعية والدينية التي تميزنا—قيم مختلفة عن تلك التي تُفرض علينا بقوة الأسلحة الفتاكة التي تُجرب على أجسادنا ومدننا وشعوبنا بين فترة وأخرى من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين؟ هل هناك رؤية بين صناع القرار العرب والإيرانيين والأتراك في المشرق الجريح للتفكير خارج حسابات الكراهية والانقسامات الطائفية والإيديولوجية؟ هل يستطيعون إنقاذ ما تبقى، وجعل الجغرافيا البوصلة التي توجه مرحلة جديدة من التعاون والتضامن، بدلاً من المؤامرات والهيمنة والحروب؟


مشاهدات 184
الكاتب امل الجبوري
أضيف 2024/10/23 - 4:05 PM
آخر تحديث 2024/10/28 - 9:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 249 الشهر 11872 الكلي 10041595
الوقت الآن
الإثنين 2024/10/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير