الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحقوق الانسانية للمجتمعات المدنية

بواسطة azzaman

الحقوق الانسانية للمجتمعات المدنية

قاسم الغراوي

 

تُشكّل الحقوق الإنسانية ركيزةً أساسيةً في بناء المجتمعات المدنية القوية والمستدامة. فهي الضمانة التي تحافظ على كرامة الفرد وتعزز مشاركته الفعّالة في الحياة العامة، كما تدعم الاستقرار والتنمية الشاملة. إن فهم تلك الحقوق وتطبيقها بوضوح وعدالة يساهم في تعزيز الحوار، وتقوية النسيج الاجتماعي، ودرء مخاطر الانقسام والتطرف.

اولا : مفهوم المجتمعات المدنية والحقوق الإنسانية

المجتمع المدني: هو فضاء تنشأ فيه مؤسسات ومنظمات مستقلة عن أجهزة الدولة، تعمل على تحقيق مصالح المجتمع وحماية حقوق أفراده؛ مثل الجمعيات الأهلية، والنقابات، والمنظمات غير الحكومية.

الحقوق الإنسانية: هي الحقوق التي تولد مع الإنسان بحكم كونه إنساناً، ولا يجوز المساس بها، وتشمل الحقوق المدنية والسياسية (كالحرية الشخصية، وحرية التعبير، والحق في المحاكمة العادلة)، وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (كالحق في التعليم، والصحة، والعمل اللائق).

ثانيا : أهميّة الحقوق الإنسانية في النهوض بالمجتمع المدني

1- تعزيز المشاركة الفعّالة: تمكّن الأفراد من الانخراط في صنع القرار عبر حقهما في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.

2- حماية التنوع والتعددية: تضمن حقّ الأقليات والناشطين والمدافعين عن الحقوق في العمل دون خوف من القمع أو التمييز.

3- ضمان المساءلة والشفافية: تُلزم مؤسسات الدولة والفاعلين المدنيين بالعمل وفق أُسس قانونية وأخلاقية، مما يقوّي ثقة المواطنين .

4- دعم التنمية المستدامة: بالارتكاز على حقوق الإنسان، تتحقق التنمية الشاملة التي تراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ثالثا : الحقوق الأساسية للمجتمعات المدنيّة

1- حرية التعبير : الحق في نشر الآراء والأفكار بلا قيدٍ أو شرط، ضمن حدود احترام حقوق الآخرين والنظام العام.

2- حرية التنظيم والتجمع تأسيس الجمعيات والنقابات والمنظمات، وعقد الاجتماعات والفعاليات السلمية.

3- الحق في المشاركة السياسية الترشح للانتخابات والتصويت فيها، والمشاركة في حوارات السياسات العامة.

4- الحق في الوصول إلى المعلومات

الاطلاع على قرارات الحكومة والميزانيات والتقارير، وحرية الصحافة.

5- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الوصول إلى التعليم، والرعاية الصحية، والعمل اللائق، والسكن الكريم.

رابعا : التحديات أمام حماية الحقوق الإنسانية

1- القيود التشريعية والإدارية

قوانين تنظيم الجمعيات المنغلقة أو إجراءات التسجيل الصارمة التي تعرقل عمل المنظمات.

2- الانتهاكات الأمنية والقانونية ملاحقة الناشطين واعتقالهم تعسفيًا أو التضييق الإعلامي عليهم.

3- الوعي المحدود لدى المجتمع قلة الثقافة الحقوقية لدى بعض الفئات، ما يؤدي لتغليب المصلحة الشخصية أو القبلية على المصلحة العامة.

4- التمويل غير المستدام اعتماد كثير من المنظمات على تمويلٍ خارجي قد يعرّض استقلاليتها للخطر، أو ضعف الموارد المحلية.

خامسا : مقاربات لتعزيز الحقوق ودعم المجتمعات المدنيّة

1- تطوير الإطار التشريعي مراجعة القوانين بما يتوافق مع المواثيق الدولية (مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).

2- تعزيز الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني إرساء حوار مفتوح يضمن إشراك المنظمات في وضع السياسات واتخاذ القرارات.

3- تعميق الثقافة الحقوقية إطلاق حملات توعوية ومساقات تدريبية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام.

4- تأمين مصدر تمويل محليّ مستدام

تشجيع التبرعات الوقفية والرعاية المجتمعية، وتبني منح حكومية شفافة.

5- تعزيز آليات المساءلة إنشاء هيئات رقابية مستقلة ومكاتب لتلقي الشكاوى، وضمان محاسبة المنتهكين.

إن احترام الحقوق الإنسانية وتطبيقها ليس رفاهيةً بل ضرورةٌ لبناء مجتمع مدني قادر على مواجهة تحديات العصر وتحقيق النهضة الشاملة. فحين تتوفر الحريات الأساسية للمواطنين، ينمو الإبداع، وتتوطّد الثقة بين الدولة والمجتمع، وتزدهر قيم التضامن والتعايش. ومن هنا، يجب أن تتضافر جهود الفاعلين الحكوميين والأهليين لوضع خططٍ واضحة، وتطوير التشريعات، وتعميق الوعي، وصولًا إلى مجتمعٍ مستقرٍّ عادلٍ يضمن لأفراده كرامتهم وينفتح على آفاق المستقبل.

رئيس مركز انكيدو للدراسات


مشاهدات 84
الكاتب قاسم الغراوي
أضيف 2025/07/02 - 3:33 PM
آخر تحديث 2025/07/03 - 9:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 243 الشهر 1475 الكلي 11155087
الوقت الآن
الخميس 2025/7/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير