ترحلُ الأجساد وتبقى الأصوات
نهلة الدراجي
أنا إنسانة، وأنا أستحق الحياة لم تكن صرختها نشازً بل كانت نشيدًا حرًّا شقّ صدر الظلام، فاستفزّ من لا يحتملون للحقيقة صوتًا، ولا للكرامة وجهًا.
هنا يُقتل الحلم مرتين مرة برصاصةٍ غادرة وأخرى بلغةٍ خبيثة تُلبس الجريمة رداء الفضيلة الزائف.
وهكذا، سقطت النساء لا لأنهن مذنبات بل لأنهن قلن ما لا يُقال في عرف القتلة(نحن نريد أن نعيش)..
هكذا تُغتال الحرائر.. يُقتلن لأنهن مشينَ مرفوعات الرأس، لأنهن كتبن، وتحدثن، وغضبن ورفضن أن يكنّ ظلًا باهتًا في وطنٍ يُراد لنسائه أن يبقين في الظل.
من ذا الذي قرر أن الكرامة تُعدّ جريمة؟ من منح القتلة هذا الامتياز بأن يصادروا أرواح النساء بأسماء مستعارة(الشرف، العادات، والتحفّظ)؟
من جعل من الصوت والكلمة على الحلم تهمة ومن التعبير عن الذات فِعلًا يستحق الرصاص في الرأس؟
لقد قُتلت أصواتهن قبل أن تكتمل حكاياتهن خُنقن بأحبال العار المصطنع...هل لأنهن اقترفن ذنبًا...؟
يا حرائر العراق نمْنَ قريرات العيون... فصوتكنّ لم يمت.
ما بين فوضى التصريحات ولجان التحقيق التي لا تنتهي تتآكل الحقيقة، لكنهم لم يدركوا أن الحقيقة لا تُدفن وأن صوتًا واحدًا يمكن أن يغير الكثير.... الظلم وإن طال، فإن الضوء لا بد أن يشقّ طريقه في نفق الظلام.
والحقيقة لا تُقتل وإن اغتيلت الأجساد فالصوت لا يموت. سيظل صدى تلك الأرواح الطاهرة يلاحقنا يحاسبنا يوقظ ضمائرنا ويذكّرنا بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع وأن الكرامة لا تُذل، بل تُصان
رحم الله كل حرةٍ عراقية سقطت لأنها أرادت أن تقف..نمْنَ قريرات العيون… فالعراق الذي حلمتن به.. لم يمت بعد... ما دام بيننا من يصرّ على أن يظلّ على قيد الكلمة.