شارع المتنبي.. التاريخ والجغرافيا ورحلة الرحلات
عباس الجبوري
شــارع المــتـنـبـي..
التاريخ والجغرافيا..
و(رحلة الرحلات )..
من شارع المتنبي ..الى مسرح سامي عبد الحميد في المركز البغدادي…
رحلة السير كانت (خطوات) بسيقان المشاة ..وقانون المشي المعتاد..
أما بمقياس (الابداع) فكانت سفرة من مجلس سيف الدولة الحمداني..
الى بلاط كافور..
ذهاباً راغباً..وإياباً زاهداً ..
للعودة الى حلب ..
لماذا …لأن
(كلما رحبت ْ بنا الروضُ قلنا..
حلبٌ قصدنا وأنتِ السبيلُ)..
كانت رحلة الرحلات أن ترحل مع المتنبي الى سوق عكاظ وسوق السراي ..وسوق الكتاب..وسوق الورّاقين ..
الى مسرح سامي عبد الحميد المعطر و المكتظ بالصور والفن والشموع…وغبار الازمنة..
خطوات بسرعة الضوء ..
وكثافة الجمال..
كيف لك أن تكتبها وترسمها بالحروف وبالنقاط..
وأنت هنا..
خرجنا من المسرح بعد حفل تكريم الاعلامي المخضرم احمد عبد المجيد ..بجائزة ناجي الساعاتي عن أدب الرحلات..
كانت القاعة مزدحمة بالشعر والنثر والقصص والروايات ..وذكريات ساحرات..وغير ساحرات ..واقفات وقاعدات ..(ثيبات وأبكارا)..لشخوض و وجوه ..
وعيون ..
تغيرت بعض تضاريسها ..
لكنها أصرت على صداقة القلم والورقة والمجد و (الفقر)..
وتلك حكاية..بطعم الضنك..
إقترب الزمن من الظهيرة..ولم يزل ابو تمام والجواهري والبحتري ..واحمد مطر..ومحمود درويش ..نائمين على أرصفة الشارع..يقلبهم القارئ(ذات اليمين وذات الشمال)..وهم ينتظرون (رحمة) الشاري..لينقلهم من الحر الى البرد ..من الشارع الى البيت ..
وكان الميزان والكاشف والبيان وظلال القران والصافي والنجفي والقمي ..على رفوف (ساخنة) تتقلب على حروف القرآن الكريم ..
وهي تشرح لنا هول نار جهنم وحرها.. ونحن نستمتع في (تصفحها) في منتصف نهار بغداد ..
الذي (تكتوي) به مجلدات السلف الصالح والابرار والاخيار ..ولم ينفع (قطر الندى) في تخفيف سعيرها ..ولا رحيق الحدائق النظرة..ولا يجمعها (جامع السعادات)..
لأنه شارع..
شارع ليس كبقية الشوارع..
يحمل على ظهره ألف عام من الحكمة والسرد والتغريد والموسيقى والقوافي ..وتراجم سليمان وفلسفة ارسطو وافلاطون والغزالي واقتصاد محمدباقر الصدر..
عنوانات و(عناوين) (نحبها وتحبنا) ..وليس بين المحبين شروط ولاعقود ولا غربة..
على (الرصيفين )كتب ومجلات ودواوين وتفاسير وأقلام وصور..(فعلى أيِّ جانبيكَ تميلُ..)
سترهق من الميلان الممتع..وماعليك الا ان تسير في (وسط )الشارع..(وتقلب وجهك ..) بينهما..
ولأنها وصية النجاة في الحياتين ..
هنا في شوارع بغداد..
وهناك في طرقات الخلود…(لعلّك تقرأ)