مثقفون يثمّنون في أصبوحة بغدادية العطاء الإبداعي للبزاز وعبد المجيد
رؤية صحفي عراقي عن (يوميات أرمينيا) تتوّج بجائزة الساعاتي لأدب الرحلات
بغداد - قصي منذر - ياسين ياس
ضيفت قاعة الفنان الراحل سامي عبد الحميد في المركز الثقافي البغدادي، مساء أمس الأول، احتفالية منح جائزة ناجي جواد الساعاتي لأدب الرحلات في دورتها الخامسة عشرة، التي منحت هذا العام إلى رئيس تحرير صحيفة (الزمان) طبعة العراق أحمد عبد المجيد، وذلك عن كتابه الموسوم (يوميات أرمينيا: بلد الكنائس والمتاحف والمشاهير – رؤية صحفي عراقي)، الذي قدّم من خلاله تجربة سردية ثرية توثق مشاهداته الميدانية كصحفي عراقي زار أرمينيا، مسلطاً الضوء علــى ملامح ثقافية وإنسانيـــــــة عميقة. وجـاء تنظيم الجائزة من قبل لجنة الحفاظ على تراث الأديــب والرحالـــــــــــة الراحل ناجـــــي جواد الساعاتي، بحضور لافــت لنخبة مــــــــن الصحفيـــــــين والإعلاميــــــين والرياضيـــــين البارزين والمهتمين بأدب الرحــــلات وروّاد شـــــــــــارع المتنبي، فضـــــلاً عن حضور متميز لعائلة الساعاتي، ممثلة بباســــــل الســـــــــــاعاتي. وادار الاحتفالية الأكاديمي ماهر الخليلي. قال عبد المجيد خلال كلمة القاها قبيل تكريمه بجائزة الساعاتي أمـــــــس إن (هذا التكريم يُلقي على عاتقه مسؤولية مضاعفة تجاه بلده والمهنة التي نذر لها حياته)، مؤكداً إن (أي تكريم من جهة غير حكومية يمثل تحدياً أخلاقياً ومهنياً في كيفية الحفاظ على الموضوعية، والربط بين الحقل الأكاديمي والعمل الصحفي)، ووجه عبد المجيد (تحيةً تقديرية للراحل الكبير الساعاتي، مستذكراً حضوره اليومي في ثمانينيات القرن الماضي إلى الجريدة، وقال: كان الساعاتي علماً من أعلام الثقافة والرحالة، ومن أكثر الشخصيات التي ألهمتنا بتواضعه النبيل وتعامله الإنساني الراقي مع الأجيال الجديدة، برغم فارق السن، فقد ربطتنا به علاقة أبوية ومهنية فريدة)، مضيفاً (كما اخصّ بالشكر نجل الأديـــب الراحل، وأحيي فيه هذا الوفاء النادر، إذ قلّما نجـد أبنــــــــــاء يحافظون على تـراث آبائهم بمثل هذا الإخلاص، ونأمل أن يكون قدوة تُحتذى).
وأشاد الحضــور خلال الاحتفاليــة التي اختتمت بالتقاط صورة تذكارية مع المحتفى به، عاليـــاً بإسهامات رئيـــــــس مجموعة الإعـــــــــلام المستقل الأستاذ سعد البزاز، لما قدمه من دعم متواصل للمشهد الثقافي والإعلامي، مؤكدين أن رؤاه المستنيرة تشكّل قاعدة صلبة في نهضة الوعي الثقافي المعاصر، كما ثمّنوا عمق الطرح الأدبي لعبد المجيد في أدب الرحــــلات، وما يتميّز به من أسلوب جاذب يمزج بين السرد الأدبي والبُعد الاجتماعي، ليمنح القارئ تجربة فكرية وإنسانية متكاملة. مؤكدين إن (ما يقدّمه البزاز وعبد المجيد من عطاءات نوعية، تعدّ ركيزة أساسية في حفظ الإرث الثقافي العراقي وتعزيز الذاكرة الأدبية الوطنية)، وأشاروا إلى ان (جهودهما المخلصة تسهم في إلهام الأجيال الجديدة وتشجيعها على السير قدماً في دروب الإبداع والعطاء في مجالات الأدب والصحافة والكتابة الحرة). وكان من بين الحضور الفنان نجاح عبدالغفور الذي اعرب عن سعادته بالاصبوحة الجميلة وتتويج عبدالمجيد بالجائزة. كما شهدت الاحتفالية، تكريم عبد المجيد من قبل جامعة الأنبار، حيث قدّم ممثل الجامعة، درعاً تقديرية تكريماً لإسهاماته الأدبية والصحفية المتميزة. وقال مدير المركز الثقافي البغدادي طالب عيسى، الذي بارك للفائز بالجائزة، وقال إنه (في رحاب النسخة الخامسة عشرة من جائزة أدب الرحلات، التي أُطلقت تخليداً لذكرى الأديب والرحّالة الكبير ناجي جواد الساعاتي، أتوجّه بجزيل الشكر والعرفان إلى نجله سعد، لما يبديه من حرص متواصل في تنظيم هذه الفعالية وإحيائها سنوياً في فضاءات بغداد الثقافية، كما أهنئ ببالغ التقدير الصحفي البارز والقدير عبد المجيد لفوزه المستحق، ولجميع الفائزين في الدورات السابقة)، بدوره، ألقى باسل الساعاتي، كلمة باسم عائلة الأديب الراحل، أعرب فيها عن فخره واعتزازه بتكليفه من قِبل الدكتور سعد ، نجل الراحل، لإلقاء كلمة العائلة في تقرير منح الجائزة، قائلاً إنه (لشرف كبير أن أكون حاملاً لصوت العائلة في هذه المناسبة العزيزة)، وأشار إلى نص رسالة نجل الراحل جاء فيها إن (هذه الجائزة تمثل ثمرة لوعد قطعته على نفسي بعد رحيل والدي، بأن أعمل جاهداً على تخليد إرثه الأدبي وتأثيره العميق في أدب الرحلات)، وأضاف ( لقد وُلدت فكرة الجائزة وتأسيسها تكريماً لأفضل ما كُتب في هذا الفن النبيل، وبتوفيق من الله وبدعم الإخوة المخلصين، تمكّنا، برغم التحديات، من الوصول إلى الدورة الخامسة عشرة، وأسأل الله العلي القدير أن يمنحنا القوة والعزم لمواصلة هذه المسيرة وتحقيق المزيد من الإنجازات التي تليق باسم الراحل الكبير)، وتابع إنه (في هذه الدورة وقع الاختيار على كتاب (يوميات أرمينيا) للصحفي والأديب البارع عبد المجيد، ليكون العمل الفائز، وهو اختيار مستحق بكل المقاييس، ولمن لا يعلم، فإن علاقة أدبية وإنسانية عميقة ربطت عبد المجيد بوالدي الراحل، برغم فارق السن، لكنها كانت علاقة تزدان بالاحترام والمودة، وها نحن نحتفي بتكريم يليق بهذا العطاء والإبداع، فهنيئاً له هذا التتويج المستحق). وأعلنت اللجنة المنظمة للجائزة، قبيل الكشف عن نتائج هذا العام إن (جائزة الساعاتي لأدب الرحلات تُعد من أبرز أشكال التقدير الثقافي التي تكرّم إبداع الكُتّاب العراقيين، وتسلّط الضوء على اهتمامهم بهذا اللون الأدبي الفريد، كما أنها تفتح أبوابها أمام الأسماء اللامعة من داخل العراق وخارجه). وتُقام هذه الاحتفالية في إطار استمرار المركز الثقافي البغدادي بنهجه الداعم للمواهب والطاقات الإبداعية، وسعياً منه للحفاظ على تقاليد أدب الرحلات، بوصفه واحداً من الأجناس الأدبية الرفيعة التي توثق التجارب الإنسانية في تلاقي الزمان بالمكان، وتمنح القارئ نافذة على العوالم المختلفة برؤية ثرية وعميقة. وتعد جائزة ناجي جواد الساعاتي لادب الرحلات، واحدة من أهم الاعترافات الثقافية اللاحكومية بابداع الكتاب العراقيين واهتمامهم بهذا النمط من الكتابة، وتهدف الى حثهم على تمثله أسوة بما درجت عليه الاسماء العراقية والعربية منذ أقدم العصور.