اليوم العالمي مناسبة أخلاقية وإنسانية
الصليب الأحمر يؤكّد تحديث التشريعات العراقية لمعالجة ملف المفقودين
أربيل - أمجاد ناصر
أصبح ملف الاختفاء القسري واحداً من أبرز التحديات الإنسانية والقانونية في العراق، حيث تتداخل أسبابه ما بين النزاعات المسلحة والجرائم الجنائية، وصولاً إلى الحالات التي ترقى إلى مستوى الجريمة الدولية وفق الاتفاقيات الأممية, ويرى خبراء قانونيون أن كل حالات الاختفاء القسري قد تؤدي مع مرور الزمن إلى الفقدان, لكن ليس كل فقدان بالضرورة ناتج عن اختفاء قسري, فهناك من يفقد أثره في ظروف النزاعات المسلحة أو بسبب الجرائم العادية, وبعد مصادقة العراق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في مطلع الألفية، أصبح ملزماً بمواءمة تشريعاته الداخلية مع الالتزامات الدولية, بما يضمن سن قوانين تعاقب على هذه الجريمة وتكفل حق العائلات في معرفة مصير ذويها, هذا أهم ما جاء في الجلسة الحوارية التي نظمتها البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر في أربيل, بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص المفقودين الذي يصادف في 30 آب من كل عام, بحضور ممثلين عن وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين، ودائرة الشؤون الخارجية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في إقليم كردستان، مع التركيز على قضايا المفقودون في إطار القانون العراقي ومعلومات عن حملة اليوم العالمي للاشخاص المفقودين و أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إعادة الروابط العائلية, و توسيع برنامج المرافقة القانونية لأسر المفقودين في العراق. وقال سامان طارق فائق، مسؤول قسم البحث عن المفقودين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأربيل لـ الزمان: نظمنا حملة إنسانية استمرت عشرة أيام قبل اقتراب اليوم العالمي للمفقودين, شملت فعاليات متنوعة بمشاركة عوائل المفقودين، إلى جانب حضور إعلاميين وممثلين عن السلطات المحلية، بهدف تذكير السلطات بمسؤولياتها تجاه عوائل المفقودين والبحث عن مصير ذويهم، وإيصال رسالة دعم لهذه الأسر بأن الصليب الأحمر الدولي يقف إلى جانبهم, وسجلت اللجنة الدولية خلال شهر حزيران الماضي نحو 732 حالة جديدة، بينما تمكنت من العثور على268 حالة إيجابياً وإبلاغ العوائل بالنتائج, وأن آلية العمل تعتمد على استقبال طلبات البحث من الأسر، وإدخالها في قاعدة بيانات متخصصة، ثم متابعة كل حالة بحسب مكان الفقدان أو ظروفه، سواء كان نتيجة اعتقال أو نزاع مسلح أو ظروف أخرى.
مضيفا: أن الصليب الأحمر لا يكتفي بمتابعة حالات الاعتقال، بل يعمل أيضاً مع الطب العدلي في العراق والإقليم للتأكد من مصير المفقودين في حال وجود رفات أو مقابر جماعية، وهذه الجهود ساهمت في تحديد مصير العديد من الحالات, مركّزة على تخفيف معاناة العوائل, مع التشديد على ضرورة تكاتف السلطات والمؤسسات الوطنية لتسريع عملية الكشف عن مصير المفقودين.
برنامج المرافقة القانونية لأسر المفقودين في العراق
كما أكد الدكتور سنار طاهر درويش، المستشار القانوني في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: أطلق برنامج المرافـــــــقة في عام 2023 استجابة لتقييم شامل لاحتياجات أسر المــــــــــــفقودين في مختلف مناطق العراق، والتي شملت الجوانب القانونية والاقتصادية والنفسية، والشق القانوني من البرنامج انطلق عبر توقيع مذكرة تفاهم مع نقابة المحامين العراقيين, الذين وفروا عدداً من المحامين لمساعدة الأسر في استصدار الوثائق الرسمية مثل البطاقة الوطنية الموحدة, وحجج الوفاة, وقرارات الحجر والقيومة, وابتداءً البرنامج من عام 2024 وتوسعت الخدمات لتشمل قضايا الوصاية والميراث وغيرها من الاحتياجات ذات الصلة, و شهد البرنامج نمواً ملحوظاً, حيث ارتفع عدد الأسر المستفيدة من 50 أسرة في عام 2023 إلى 250 أسرة في عام 2024, وتم تلبية احتياجات 235 منها, ومن المؤمل أن يصل العدد هذا العام إلى400 أسرة, مع توسيع نطاق العمل ليشمل أكثر من خمس مناطق في العراق، إضافة إلى مناطق جديدة في وسط البلاد ابتداءً من شهر أيلول/سبتمبر المقبل.
إنشاء السجل الوطني الموحد
مشيرا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تستفيد من التجربة الكولومبية في مجال البحث عن المفــــــــــقودين، خاصة ما يتعلق بإنشـــــــــــــاء السجل الوطني الموحد الذي يجمع بيانات وزارات ومؤسسات الدولة في قاعدة مركزية واحدة، و إن العراق بدأ خطواته الأولى نحو تبني هذه الفكرة, التي من شأنها أن تسهل على العائلات تقديم طلب واحد فقط لمعرفة مــــــــصير ذويها, إضافة إلى تسريع وتوحيد عمليات البحث من خلال تبادل المعلومات بين الجهات الرسمية, وهناك رغبة حقيقية لدى المؤسسات العراقية في المضي نحو اعتماد هذا النظام الموحد، مع العمل حالياً على وضع الأساس القانوني والتقني لإنشائه.
كما شهدت الجلسة معارض صور وقصص سلطت الضوء على معاناة أسر المفقودين .