الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عيب عليك تصير خوش آدمي

بواسطة azzaman

عيب عليك تصير خوش آدمي

محسن التميمي

 

في المجتمعات الفقيرة انسانيا  والتي لم تنظر ابعد من ارنبة انفها مثلما يقول الدكتور باسل عبد المهدي « وهمها الوحيد « النهش بلحم غيرها واخذ غيبته والحديث عن الاخرين بسوء وحقد وكراهية « لايمكن

ان يجد المثقف فيها اي مكان .

ويمكن ان يتعرض الى الاذى   والسخرية والحقد لا لشيء سوى لانه « مثقف ومؤدب وانسان يختلف ( عنهم )

طبع هذا المجتمع لايستقيم ابدا .

ويبقى فقيرا انسانيا دائما وابدا  .

مرات نقول (ان الله سبحانه وتعالى يحب مؤيد نعمة كثيرا « لانه سبحانه توفاه ولم يشاهد الكثير « الكثير من المظاهر  والسلوكيات والتي تحدث بشكل يومي في مجتمعنا وهي مؤلمة ومحزنة جدا «

ماذا كان مؤيد نعمة سيرسم لو كان حيا الان ؟

الرجل تناول « كل شيء تقريبا « لانه يعرف هذه البيئة ولو من بعيد « نقصد البيئة( المريضة) والفاسدة ( جدا )

واشبعها( رسما ) وبقي وفيا لاسلوبه المتفرد والمتمرد معا .

يعني الكثير لمؤيد نعمة ان يكون فنانا ملتزما

 شجاعا نزيها وصاحب رسالة عظيمة .

وهو فضلا عن ذلك « كان شفافا رقيقا مهذبا وانيقا « ومن يشاهد مؤيد نعمة ويقترب منه يراه مسالما جدا ولا يرغب ان يدخل في خصومات وعداوات وشجار وتلاسن مع الاخرين .

هو رفض كل سلوك وتصرف وظاهرة تحاول ان تشوه صورة المجتمع وتفسدها « وكان دوره الرئيس « محاربتها عن طريق ( الكاري كتير ) .

عندما يرسم مجموعة من الناس وهي تحيط بشخص يمسك كتابا وتسخر منه او عندما يعلق في رسم لمجموعة من الناس وهم يقولون ( لأحدهم ) عيب عليك تصير خوش ادمي ) وغيرها الكثير مما تحاكي الواقع المرير « فهو ( مؤيد نعمة ) يرفض ان يرى هذا السلوك( المشين ) ويسكت  عنه « هو يعتقد «  بقرارة ذاته « ان ماقاله شكسبير على لسان هاملت في المسرحية التي تحمل ذات الاسم ( هاملت   ) اكون او لا اكون « تعنيه هو شخصيا « فراح يحمل ريشته ويرسم هذا السلوك ( المنحرف ) .

بصراحة شديدة « كنا نخاف على مؤيد نعمة من بطش السلطة لان الرجل ( تجاوز حدود الرسم كثيرا ) برغم ان السلطة لم تقصر معه وهو الذي لم يكن موجودا في منزله في مناسبات كثيرة مرت على عائلته  ويوم ولدت ابنته( شمس ) وهو كان  موجودا في بيته  « سموها( شمس ) لانه تحرر من ظلام النظام ولامس لحظة الحرية وشمسها «

شمس مؤيد نعمة كانت موجودة داخل اضلاعه وقلبه وشرايينه واوردته التي كانت تتجمد من البرد « في زنازين السلطة التي كانت تكره الفنان والانسان والمثقف وتحاول الانتقاص منه ومن انسانيته وفنه « ولكنها( السلطة  ) لم تستطع ان تزرع اليأس بقلب وعقل وجسد وشرايين واوردة مؤيد نعمة لانه « ببساطة شديدة «  كان اقوى منهم واكثر صبرا وحكمة وعقل « وهو كان يشبه الشاعر التركي ناظم حكمت الذي كان يكتب الشعر داخل زنزانته في السجن ويمد الاخرين بطاقة الامل والغد المشرق .

كنا نلتقي في مشغل الصديق المشترك ( وليد نايف محمد دوران ) بمشغله في شارع عمر عبد العزيز بالاعظمية بعمارة ( ابو جميل ) وامام المشغل تماما كان مشغل الرسام الكبير اسماعيل عزام ومعه الفنان عارف البصري او النجفي على مااعتقد «  للامانة « كنت ازور مؤيد نعمة في منطقة المنصور حي المتنبي    « مع احد الاصدقاء المشتركين « مرة قال لي مؤيد نعمة   ( لماذا لم تأت لوحدك ) لم استوعب ماقاله مؤيد نعمة في ذلك الوقت ولكن فيما بعد ( عرفت ماذا كان يقصد بكلامه ) .

هل يستطيع كاتب وصحفي وناقد ومختص برسم الكاري كتير   « او حتى رسام كاري كتير مهما كان اسما لامعا « ان يكتب عن مؤيد نعمة « بالشكل والاسلوب الذي كان عليه ويفيه حقه ؟

من المؤسف ان مؤسسة المدى اصدرت كتابا لرسومات مؤيد نعمة ولكن الكتاب كان بسيطا جدا « عندما اقتنينا الكتاب « اصابتنا الدهشة والاستغراب « وهو كتاب ماكان يليق بفنان كبير وعبقري وانسان نبيل مثل مؤيد نعمة «

لو كان ( نعمة ) امريكيا او بريطانيا او فرنسيا لكان العالم كله يعرف مؤيد نعمة ويتعلق به شديد التعلق .

وربما كان شارعا يسمى بأسمه او مسرحا او غير ذلك من الصروح الأدبية والفنية والمعمارية المهمة وربما ايضا لكان اكثر شهرة من بودلير وماركيز واخرين.

لقد ترك مؤيد نعمة ارثا فنيا عظيما وترك اثرا مهما « عظيما.

واذا ماكان الرجل ( الصديق والاخ ) قد رحل جسدا « فهو مازال باقيا في قلوبنا وعقولنا دائما وابدا.

 

 


مشاهدات 821
الكاتب محسن التميمي
أضيف 2023/12/20 - 4:07 PM
آخر تحديث 2024/12/04 - 1:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 88 الشهر 1845 الكلي 10057940
الوقت الآن
الخميس 2024/12/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير