قصص من واقع حَمَلة الشهادات
لينا ياقو يوخنا
منذ شهور وحَمَلة الشهادات العليا واوائل (الدبلوم والبكالوريوس) المتبقين من الوجبة الثانية والبالغ عددهم ما يقارب الخمسة الاف يتظاهرون ويناشدون الحكومة للحصول على استحقاقهم الذي كفله قانون تشغيل حَمَلة الشهادات العليا والاوائل (59 و67) لسنة 2017, خاصة بعد ان تم تعيين ما يقارب (17) الف من نفس الوجبة والبالغ عددهم الكلي (22) الف خلال الشهور الماضية, اما البقية فما كان امامهم سوى المشاركة المستمرة بتظاهرة واحدة كل اسبوع امام مقرات الجهات المعنية بالتوظيف للمطالبة بحقوقهم بعد مرور مدة ليست بالقليلة دون ان يكون هناك حلول على ارض الواقع خاصة بعد تضارب الانباء والتصريحات الصادرة من الجهات المسؤولة عن اسباب تلكؤ الملف.
دوام رسمي
لقد كنت ولا زلت مشاركة في اغلب التظاهرات لأنني من ضمن الالاف المتبقين من الوجبة الثانية وانا حاملة لشهادة عُليا, وخلال الساعات الطويلة التي نقضيها بالتظاهرات منذ الصباح الباكر وحتى نهاية الدوام الرسمي والتي تتخللها احياناً مسيرة من مجلس الخدمة الاتحادي الى مجلس الوزراء وقد تكون تظاهرتنا امام وزارة المالية كون هذه الجهات ذات صلة بملف توظيفنا, سمعت خلال هذه الشهور الكثير من القصص التي تعكس معاناة ومأساة الفئة المتعلمة في البلد اذ تقول احدى المشاركات في التظاهرات: « لقد تخرجت منذ سنوات ولم احصل على فرصة عمل في القطاع الخاص اما الحكومي فأنا تعبت من المطالبة بحقي لكن ما باليد حيلة سوى ان اصبر», وتضيف اخرى: « منذ سنوات وانا اشارك في التظاهرات ولم احصل على استحقاقي الى الان ففي الوجبة الاول حرمت من الوظيفة بسبب وجود خطأ بسيط في بياناتي», ومن القصص المؤلمة عن ظروف بعض المتظاهرين تقول احداهن: « كان من المفترض ان اتواجد مع اختي المصابة بالسرطان في المستشفى وادعمها اثناء تلقيها لجرعات الكيماوي لكن تركتها وقطعت مسافة طويلة كي احضر اليوم للمطالبة بحقي...».
ويقول احد الشباب: « من لديه معارف سيحصل على وظيفة اما شخص مثلي فهو مغلوب على امره وان حصل عليها فيكون قد جاهد كثيراً من اجل ذلك فالطبقة البسيطة في بلدنا يجب ان تعاني لنيل استحقاقها», ويضيف زميله: « حَمَلة الشهادات العليا لا قيمة لهم», اما احدى الزميلات فقد مضت ايام قليلة على وفاة والدها لكنها ساندت وقفتنا امام بوابة المجلس لأكثر من مرة والحزن يعتريها. وليس هذا فحسب بل ان الحاضرين في واحدة من التظاهرات توشحوا بالسواد لفقدانهم صديقهم اثناء عودته من التظاهرة اثر حادث اليم بحسب قولهم.
محافظات مختلفة
اما بالنسبة لبعض الذين لم يستطيعوا المشاركة في التظاهرات فالسبب لأنهم لا يمتلكوا اجور النقل فوضعهم المادي غير جيد والبعض الآخر لديهم ظروف قاهرة منعتهم من الحضور كالمرض او وفاة احد الاقرباء بالإضافة الى بعد المسافات علماً ان الكثير من الزملاء والزميلات من محافظات مختلفة حضروا الى بغداد وتحملوا عناء الطريق من اجل الانضمام للمتظاهرين في العاصمة بالإضافة الى ان الكثيرين ذكروا المشكلات النفسية وحتى البدنية التي يعانون منها نتيجة القلق المستمر والحزن على حالهم. هذه القصص وغيرها الكثير تحتاج الى مقالات عدة لتترجم آلامهم وواقعهم المرير وحقوقهم التي جاهدوا ولا زالوا للحصول عليها.
اشعر بالآسى وانا ارى الزملاء والزميلات من الطبقة المتعلمة يعانون واحلامهم تتبدد رغم ان امنياتهم هي حقوق مشروعة تقدمها الدول المتقدمة لرعاياها دون ان يطالبوا بها, وهذا غير معمول به في العراق الغني بالثروات حيث يعيش غالبية افراده تحت خط الفقر.
فالعراقي المتعلم وغير المتعلم مسلوب الحقوق فلا استثمار يسد حاجة العاطلين عن العمل ولا التعيينات متوفرة فأضحى الكثيرين بلا عمل خاصة ممن هم في عمر الشباب والذين يعدون ثروة بشرية لبلدنا اذ ما استثمرت بالشكل الصحيح لكن مع الاسف قضى الشباب حياتهم في حروب وعاشوا الفقر والظلم وغياب العدالة و قمع حرياتهم, ويضاف الى ذلك تظاهراتهم المستمرة منذ مدة ليست بالقليلة من اجل المطالبة بحقوقهم على امل ان تُلبى.