الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حسين محمد هادي الصدر من زاويةٍ أخرى

بواسطة azzaman

حسين محمد هادي الصدر من زاويةٍ أخرى

حمد ناصر الدخيل

 

ارتبط الأستاذ الكبير صاحب القلم السيال الغزير السيد حسين السيد محمد هادي الصدر (حفظه الله ورعاه وأدامه للثقافة ذخراً وأبقاه) لدى أجيال متعاقبة بصحيفة الزمان الغراء، فقد عرفوه صاحب عمود يومي فيها. ولكن ذلك جانب من شخصيته، فله سمات وميزات أخرى قلّما تجتمع في شخص واحدٍ، وإن كل سمة من تلك السمات حقيقة بدراسة مستقلة.

فمن ملامح شخصيته العصامية؛ إذ نشأ معتمداً على نفسه في معيشته وعلمه ومواقفه، ومعتداً بها بقدرٍ كبير وهذا ما يلاحظه القارئ الكريم الفطن في ثنايا مقالاته وبين سطورها، يقول في إحدى مقالاته القيمة: (ما كنت أبداً في حزب ولا منظمة ولا هيئة، وما كان قلمي لهيئة ولا منظمة ولا حزب).

وقد وصل الصدر الكبير الحلقة المفقودة، بين التراثية والمعاصرة، فجمع بين الثقافتين العصرية والدينية على مستوى عالٍ.

والصدر عجيب التمكن من فنون العربية وأساليبها، كتب نثراً يَشعُ جلالاً وجمالاً، بأسلوبه الذي وصفه النُقاد بالسهل الممتنع، فأصبح هو ما يكتب، تراه بين السطور والكلمات، وتلك سمة لا يبلغها إلا القلة من الأدباء وأصحاب البيان والبلاغة.

وقد وظّف الفكاهة والسخرية في بعض من كتاباته النقدية لخدمة القضايا التي يروم معالجتها، وله جرأة مدهشة قليلة النظير على نقد الذات وكشف الأخطاء والاعتراف بها.. وهو يُغبط على جرأته هذه.

والصدر الكبير إلى جانب ذلك مؤرخ عظيم أرخ في موسوعته لعشراتٍ من العلماء والأدباء والشعراء والفقهاء الأعلام من القدماء والمعاصرين، وَقَدْ عُنيت بجمعِ مقالاته في هذا الجانب ضمن مجموع خاص، كما أرخ للمدن التي تنقل فيها، وللمساجد، والأحداث العظيمة التي شهدها وشاهدها وكان شاهداً عليها، ولبعض المعالم.

وله ابتكاراته الخاصة في ضرب الأمثال، والاستشهاد بالشواهد الشعريّة، ولا أظن أن فينا اليوم من يحفظ من الشعر بقدر ما يحفظه هو نفع الله به. ومعرفة موسوعيّة في شتّى الفنون، وهذا التنوع يتضح جلياً في مؤلفاته المتنوعة وموسوعته الكبرى التي زادت أجزائها على عشرين ومئة جزء، وفي أحاديثه التلفزيونيّة والإذاعيّة.

والصدر متأملٌ عميق، دقيق الفهم، ثاقب النظر في مشكلات المجتمع، التي تحتاج إلى عقل المُفَكِر، وعلم الفقيه. وهو مدرسة في التربيّة؛ سواء في تربيته لتلامذته وملازميه، أو لقرائه ومستمعيه.

وهو يعرف من نفسه الثبات على المبادئ؛ فيقول في احدى مقالاته: (لدي مبادئ ما بدّلتها قط، ولن أبدّلها إن شاء الله؛ وهي الصدق وإنني حاربت الظلم والبعث وأهله وأعوانه وعبيده دائماً، ومجّدتُ الإسلام وكنت معه في قواعده وأخلاقه وآدابه دائما).

ولقد أمضى حياته كلها -وهو اليوم في العقد التاسع من عمره الميمون- داعياً بأدبه وحنكته وتجربته وفقهه وسلوكه، وتربيته، واختط لنفسه منهجاً وسطاً؛ يرغِّب الناس ولاينفرهم، فهو اليوم نسخة مفردة بين أعلام عصرنا.

 

 

 

 

 

 


مشاهدات 47
الكاتب حمد ناصر الدخيل
أضيف 2025/01/07 - 5:31 PM
آخر تحديث 2025/01/08 - 6:23 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 389 الشهر 3766 الكلي 10093731
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير