يوم بغداد المقدس
احمد كاظم نصيف
انقضى اسبوع (يوم بغداد)، حلوه هاي، اسبوع يوم! المهم، هذا اليوم الاسبوع الذي بدأ من 11 تشرين الثاني الجاري أو الحالي، بكيفكم، لغاية 18 منه حسب البرنامج المعد، بيد أن حفل الختام أقيم مساء الأثنين التاسع عشر منه، مو مهم زيادة يوم، قابل هي زيادة سلم الرواتب وينراد الها مناقشة 34 قرار! ما علينا، نرجع لهذا الاسبوع الذي يذكرنا بالمناسبات الأثيرة، اسبوع قادسية صدام، اسبوع تأسيس الحزب سبعة نيسان، اسبوع عيد ميلاد القائد الضرورة! واسبوع يجر اسبوع، إلى أن جرونا جَراً جِراء هذه الأسابيع السوداء إلى النوم في أحضان الشيطان الأكبر، بالمناسبة أشو هو اسبوع احتفالات بس ماكو يوم عطلة؟
لم نشهد (اللَّه شاهد) أي احتفالات ولا خزعبلات في هذا اليوم الذي جعلوه اسبوعاً تمجيداً لقلعة الأسود (جمع أسد وليس لون أسود) سوى قلعة فاخرة عبارة عن بوابة شاهقة ارتفاعها في الأعالي وتصميمها بديكور مذهل ومنظرها يشرح الصدر شرحاً {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} الشرح: آية1، ومصممها على ما يبدو أحد الحائزين على جائزة نوبل للهندسة، وصاحب فكرتها فنان تشكيلي استوحاها من أفكار سلفادور دالي السوريالية، وألوانها تفتح النفس فتحاً {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} الفتح: آية1، وطرازها مطرز تطريزاً بالؤلؤ والماس، الذي يضاهي طراز قوس النصر الذي يزين شارع الشانزليزيه في باريس، وكاتدرائية بياتزا دل دومو في ميلانو الايطالية، ولا يهون برج بيزا؛ وماكو منها بالدنيا كلها بس في بغداد شارع المتنبي مقابل سوق السراي، قرب حسن أبو الجاي، رجاءً الحجز مسبقاً؛ وجاء السائحون من كل فج عميق {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحج: آية27، يتباركون بهذه التحفة العظيمة جداً؛ وجندت أمانة بغداد موظفيها وهي صاحبة القدح المعلى في هذه المناسبة كونها منها وإليها ولم تقصر في عملها اطلاقاً ومطلقاً وعليَّ الطلاق كما يقول الأخوة المصريون، لا مو بس موظفيها، فقد طلبت من خلال الاعلان في الصحف (التي تطالبها بسداد الديون التي بذمتها؛ أقصد بذمة الأمانة الأمينة، وليس الصحف البريئة) والمجلات والقنوات ومن خلال الحاويات، بكادر يعمل، يصل الليل بالنهار باجور يومية أو اسبوعية حسب ما تقتضيه الحال، أو ربما لوقت المناسبة الذي هو يوم بس لخاطركم نسويه اسبوع لأننا نشعر بحاجتكم للعمل لاسيما وأنكم مهندسون وأصحاب شهادات طبية، عدا عن خريجي الكليات الانسانية بما فيهم الأخوة الأعزاء المترجمين للغات عدة، خل ياكلون ما طول نور موجود.
علامة الاستفهام المخجلة في جبين هذا اليوم المقدس (ولو أن كل المناسبة مخجلة وبائسة ومزرية) في التعريف بهذه البوابة العظيمة، تقول: سوف ترفع هذه البوابة الشاهقة العملاقة الفريدة في عمارتها وتهشّم وتحطّم وتغدو تراباً تذروه الرياح {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ} الكهف: آية45، بعد الانتهاء من مراسم الاحتفال بيوم اسبوع بغداد، كونها وضعت ونصبت بكامل زينتها من أجل بغداد أجمل وأنظف وأرقى وأحسن من جميع عواصم دول المعمورة، لاسيما بعد اختيارها عاصمة السياحة العربية 2025 ولا نستثني من العواصم أي واحدة أبداً، لا فيينا ولا روما ولا لشبونة ولا حتى طوكيو، واليوصل حدنه نكص ايده، ومن أجل تنظيم انسيابية دخول الضيوف الكرام ومن أجل عيون الحضور والجمهور الكريم العزيز الغالي والنفيس على قلوبنا، كما المعادن النادرة، مو يكولون أندر من الغراب الأبيض!
معقولة؟ يعني كل هذا الابتكار والذكاء الاصطناعي وهذا العمل المعمار الجبار بقيادة شركة اعمار تتباهى بمنجزاتها التي عمرت بها البلدان والمدن والقرى والأرياف والضواحي والسواقي والمنافي والفيافي بما فيها الطرق والجسور، سوف تزول بعد يوم اسبوع؟
هذه الحال دونها الشاعر الشيخ الوائلي (رحمه اللَّه) إذ قال ذات مهرجان مربدي يصف بها مأساة بغداد:
بغـــــــــــــداد يومك لا يــزال كأمســـــــــــه صـوَرٌ علـى طـرفَي نقيض تُجمـعُ
في القصر اُغنية على شفةِ الهوى والكــــــوخ دمعٌ فــي المـحاجـــر يلـذعُ
ويـد تُـــكبَّـــل وهــــي ممّـــــــــا يُـفـتــــــــــــدى ويـــــــــد تُـقبَّــــل وهـــــــي ممّــــا يُـقـــــــطــــعُ
كنا نهب على الزعيق، ومذ طغى صـــــرنا ننــــــام علــى الزعيق ونهجــعُ