مستقبل اللغة العربية في عصر العولمة
معراج أحمد معراج الندوي
يشهد عالمنا المعاصر الكثير من التغيرات وجاء مصطلح العولمة ليكون هو الأبرز والأكبر حدث في نهاية القرن العشرين. ويوصف عصرنا العولمي بأنه عصر التطور العلمي والإبداع التقني والتكنولوجيا المعلومات المتقدمة والانفتاح بين الأمم والثقافات المختلفة.والعلاقة بين اللغة العربية وبين العولمة علاقة ذات صلة بمستقبل هذه اللغة.
إن مستقبل اللغة العربية قضية بالغة الأهمية في الفكر المعاصر، لها صلة قوية بسيادة الأمة العربية الإسلامية على ثقافتها وفكرها وعلى كيانها الحضاري وعلى حاضرها ومستقبلها. فليست هذه القضية، قضية لغوية وأدبية وثقافية فحسب، بل هي عاملة مؤثرة في النهضة على الركب العالمي.
واليوم تقف اللغة العربية في مفترق الطرق، فإما أن تتجدد وتتطور لتواكب المتغيرات اللسانية والمستجدات في الوظائف اللغوية لكى تتساير مع الركب العالمي وتثبت وجودها وتلعب دورها على المسرح العالمي. فتطوير اللغة العربية حاجة ماسة لتطور الحياة العامة في العالم العربي الإسلامي، لأن التجديد إنما يبدأ من اللغة، وبناء المستقبل يقوم على أساس تجديد وتحديث اللغة العربية وجعلها وترويجها اللغة الفصحى في عامة الناس حتى تكون لغة المستقبل.
تعتبر اللغة العربية لغة رسمية في كلِّ دول العالم العربي، لأنَّها اللغة الوحيدةُ بين لغات العالم التي تحتوي على حرفِ الضَّاد، ويبلغ عددُ المسلمين في العالم اليوم مليارًا ونصفًا من البشرِ متعددي الألوان والعروقِ والأجناس واللغات، يربطهم باللغةِ العربية القرآن، فلا إسلام بلا قرآن، ولا قرآن بلا لغةٍ عربية. وتتجلى عظمتها أنها لغة القرآن الكريم التي حملت رسالة الإسلام فغنيت بألفاظ كثيرة جديدة للتعبير عما جاء به الإسلام من مفاهيم وأفكار ونظم وقواعد سلوك وأصبحت لغة الدين والثقافة والحضارة.
استطاعت اللغة العربية أن تكون لغة حضارة إنسانية واسعة اشتركت فيها أمم شتى وكان العرب نواتها الأساسية كما استطاعت أن تكون لغة العلم والسياسة والتجارة والعمل والتشريع والفلسفة والمنطق والتصوف والأدب والفن.
الغة العربية من لغات العصر ومن لغات العلوم الحديثة والقديمة على السواء.كانت في وقت ازدهارها لغة العلوم العصرية ولغة الحضارة الخالدة التي سادت قروناً طويلة وكانت فيها زهرة الدنيا وقِبلة العلماء من كل عصر ومصر. إن لها تاريخها اللغوى العريق وتاريخها العلمى والثقافى، وقطعت نهضتها الجديدة فى العصر الحديث.
لا تحب اللغة العربية أن تكون حبيسة في منطقة أو مقتصرة في شعب ، بل تحب أن تكون حرة طليقة تطوي الأرض وتجوب الآفاق، وهي كذلك تحب أن تعيش دائماً شابة قوية لأنها تحيا وتتجدد مع كل الأجيال. تمتاز اللغة العربية عن سائر اللغات بمكانة فريدة ومنزلة سامية، و لهامكانة خاصة في ظل العولمة الباسطة ونفوذها اليوم على المجتمع الدولي.