اللغة والسلطة      

رياض خليل التميمي

يعد افلاطون اول الفلاسفة الذين كتبوا في السياسة فلا نجد محاورة من محاوراته تخلو من هذا الجانب والمتمثلة بمحاورات (الجمهورية، السياسي، القوانين) وفيها حاول توضيح الفعل السياسي وطبيعته وكيفية استغلاله في خدمة المجتمع.

 وهذه المحاورات مخصصة اساساً للوصول الى غاية سياسية الا وهي بناء دولة فاضلة او مثالية. وقد اشار الى ذلك في محاورته (الجمهورية)الى فكرة الحاكم الفيلسوف، حيث يجب ان يكون الحاكم مثقفاً وذو معرفة واسعة وملماً بالفلسفة ليقود المجتمع بحكمة. فقد اهتم بموضوع السلطة في سياق فلسفته السياسية والوضع الاجتماعي الذي يعيشه المواطن الاغريقي في ظل الانظمة الاستبدادية وبالنتيجة يجب ان تكون السلطة في ايدي الحكماء والعقلاء..

اما ميشيل فوكو فقد قدم نظرة مختلفة عن السلطة ( اللغة والمعرفة 1980) يرى فوكو ان السلطة ليست مجرد ملكية او تبعية بل هي استراتيجية تتداخل فيها العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية وفي كتابة ( المراقبة والمعاقبة) اكد ان السلطة تمارس اكثر مما تملك وانها تعود الى تدابير وحيل وتقنيات يستخدم فوكو منهج الاركيولوجيا لفهم السلطة ويبحث عن التقاطعات والانشقاقات في الخطابات والممارسات، وبالتالي فان مفهوم السلطة يتجاوز الجوانب السياسية ويتداخل مع الاقتصاد والمعرفة والاجتماع.كما يُعد كتاب “اللغة والسلطة” 1989لنورمان فيركلف أحد أبرز الأعمال في تحليل الخطاب النقدي، حيث يركز على العلاقة بين اللغة وعلاقات السلطة في المجتمعات الحديثة.. يستند فيركلف إلى نظريات لغوية واجتماعية متعددة ليكشف كيف تُستخدم اللغة كأداة للهيمنة أو التحرر، مما يجعل الكتاب مساهمة مهمة في اللسانيات الاجتماعية والدراسات النقدية يعتمد فيركلف على مجموعة من النظريات النقدية مثل الماركسية والبنيوية وما بعد البنيوية، مما يمنحه عمقًا فكريًا واضحًا. يوضح أن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي أداة تستخدمها النخب الحاكمة لتعزيز سلطتها، مما يجعله مرجعًا أساسيًا في تحليل الخطاب السياسي والإعلامي.

تداخل نصي

يقدم فيركلف مفاهيم مثل “التداخل النصي” و”التناص”، والتي تساعد في كشف كيف تتداخل النصوص المختلفة وتعيد إنتاج الأيديولوجيات. هذه الأدوات تمنح القارئ قدرة على تحليل النصوص الإعلامية والسياسية بشكل نقدي كيف تؤثر اللغة على تشكيل الهويات والعلاقات الاجتماعية.

 خاصة في وسائل الإعلام والسياسة حيث يبرز كيف يُستخدم الخطاب الإعلامي في تشكيل الرأي العام وتعزيز هيمنة النخب. يذكر ان نورمان فيركلف يعمل محاضراً متفرغاً في “ جامعة لانكستر” في انكلترا وهو احد مؤسسي “تحليل الخطاب النقدي” له عدة مؤلفات من بينها “خطاب الاعلام” (1995) و “تحليل الخطاب النقدي” (1995) و”اللغة والعولمة” (2006) و “الخطاب والتغيير الاجتماعي» (2007)

لقد اجتذب التحليل النقدي للخطاب اهتماماً كبيراً خارج سياق علم اللغة والدراسات اللغوية حيث بدأ يؤتي نتائج تتمثل في تشجيع الباحثين في العلوم الاجتماعية على ادراج تحليل اللغة في عملهم مع الاشارة الى ان التحليل النقدي للخطاب بأعتباره من الموارد التي يعتمد عليها في الصراعات الاجتماعية والسياسية من اجل العدل والمساواة.