الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من شعيرات الشيب تعرفونهم

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

من شعيرات الشيب تعرفونهم

محمد صاحب سلطان

 

كنت أعلم إن تأهبي للسفر نحو زمن مضى، لن يخلو من المجازفة، لأن كل ما يتعلق بالذاكرة أضحى خطرا في زماننا هذا، بفضل ما تركته التكنلوجيا الحديثة من إفرازات وتأثيرات على حياتنا اليومية، وعلى علاقاتنا فيما بيننا، بعد أن أصبحت تلك الآلات الجهنمية التي بين أيدينا لا يمكن الاستغناء عنها ولو لبعض حين، بل صارت لدا البعض، في الحاجة إليها، أعز من الاهل والأصدقاء!، نهتم بأوقات شحنها، ونتسارع لإصلاح ما يعطب فيها، أكثر من إهتمامنا باولادنا وباقي العائلة، حتى أمسى العالم الافتراضي التي حشرتنا الآلة فيه بديلا مثاليا لواقعنا، لايمكن الاستغناء عنه ولو لدقائق!.. وبرغم ذلك، أخاطر في قول كلمات محشورة في (زوري) كما يلفظها الأشقاء المصريون، عسى ان تجد لها أذنا صاغية من الأحبة الذين طال الشوق لملاقاتهم وجاهيا بدلا من الافتراضي كل مرة، مستغلا مناسبة مقدم أعتاب عيد الفطر، فلقاء الأحبة في الاعياد، يعيدنا لتلك التجمعات التي نستعيد فيها حلاوة المفردات الجنوبية المحببة، ولگنة الكلمات ذات الإيقاع الموصلي الساحر، وأنغام ربابة الغربية برموزها اللغوية المتفردة، ولهجات الشمال المعجونة بالفطرة وعمق الاصالة، وحسچة الفرات الأوسط ونباهة النبرة البغدادية المتميزة، إذ لابد للقلوب أن تتصافى وتتماهى مع أيامه المباركة، وان تسمو الارواح وتتجاوز الصغائر، التي ربما قد تحصل بين فرد وآخر، بغض النظر عن درجة قربه أو بعده، بل لابد لرايات السماحة ونبذ الضغينة أن تعلوا فوق مثابات محبتنا، حتى وانت تشعر بمرارة الفعل الذي دق أسفين القطيعة، بينك وبين من كان لك السند الحصين والسد المنيع، فدعوات الخير تدفعنا الى عدم ترك المشاعر والاحاسيس والكلمات في القلوب من دون منفذ، إسمحوا لها أن تخرج إلى العلن، بحق من يستحق ولكنه أخطأ التقدير، بفعل حماقة أو سوء تصرف، أو ردة فعل لا يستوجب الحال أن تطفو فوق سطح القطيعة الدائمة..فأجمل الاماني أن نلتقي في العيد بقلوب صافية، لا أن نعتبر اللقاء واجبا فحسب، تفرضه العلاقات الاجتماعية والعائلية السائدة ،فشعور السعادة الطاغي الذي يتسلل الى النفس، يظهر بابهى صوره عندما نرى الاهل والأصدقاء، يلتقون في العيد بروح التسامح والوئام، وأجملها بمعاودة مريض والاطمئنان على صحته، وتجمع الاهل في بيت الكبير، فأحلى الساعات هي عندما تتشابك الأيادي، ويحتضن الآباء والامهات، ابناءهم واحفادهم، ومن دونها لا نجد للآخرين عذرا!..ففرحة الأطفال الذين لا ذنب لهم ولا ناقة في خلافات الاهل، هي من أحلى المشاعر، لإن (عيدية) الأجداد للاحفاد غير ، ومرحهم الطاغي يغلب على كل الفرح، فأتركوا نوافذ الفرح مفتوحة، لتهب منها نسائم الشوق لمن نحب، ولتعانق شعيرات الشيب اللامعة كفصوص الملح التي تتخلل لحانا، وجنات الاحفاد ولتضم صدورنا أضلاع من إفتقدنا رؤيتهم.. ومقدما عيد مبارك!..

 

 

 

 

 


مشاهدات 489
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/03/29 - 1:44 AM
آخر تحديث 2025/03/31 - 7:26 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 524 الشهر 19571 الكلي 10580520
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير