محاربة الفساد.. أكذوبة العصر
مشتاق الربيعي
أصبحت محاربة الفساد في العراق أكذوبة العصر، حيث يتجول معظم حيتان الفساد بمنتهى الحرية، بينما تبقى إجراءات الجهات الرقابية والسلطات المختصة خجولة وضعيفة. لقد نخرت آفة الفساد جميع مفاصل الدولة العراقية، وكان خير دليل على ذلك ما حدث فيما يُعرف بـسرقة القرن، التي دخلت موسوعة “غينيس” كواحدة من أكبر السرقات في تاريخ العراق. وما عُرف من خلال وسائل الإعلام ليس إلا جزءًا مما خفي، وما خفي كان أعظم.
والأمر الأكثر غرابة أن منفذي هذه السرقة ظهروا في وسائل الإعلام يتحدثون بكل أريحية وكأن شيئًا لم يكن، وهم الآن فارّون في دول العالم دون أن تطالهم يد العدالة. وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لا تلقي الجهات المختصة القبض عليهم عبر الإنتربول؟
إن هذا الموضوع يثير الكثير من الجدل، وإن كنا جادين في محاربة الفساد، فإن الحل يكمن في تفعيل قانون (من أين لك هذا؟) على جميع المسؤولين في العراق، بهدف كشف ذممهم المالية، خاصة وأن الكثير منهم أصبحوا اليوم في حالة من الثراء الفاحش، بينما كانوا في السابق يعيشون أوضاعًا مالية متواضعة.
يُعد ملف الفساد في العراق من أبرز التحديات التي تعرقل التنمية والاستقرار، حيث يُصنَّف ضمن أكثر الدول فسادًا عالميًا وفقًا لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2022، إذ احتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة. ويعكس هذا التصنيف مدى تفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، وضعف المنظومة الرقابية، وغياب الشفافية، إلى جانب استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
فمن سينقذ العراق مما هو عليه الآن؟ لقد استُنفدت كل الحلول الأرضية، ولم يبقَ لنا سوى انتظار حلول السماء…