الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العصر الذهبي لهذا الشيء

بواسطة azzaman

العصر الذهبي لهذا الشيء

كامل عبدالرحيم

 

 انتهى العصر الذهبي لهذه المنصة، تلك المنصة والفضاء الذي أكتب فيه الآن.

كان هذا الفضاء ثورة، ثورة بكل المعاني وقد وفرت وحققت هذه الثورة عدالة غامضة لظلم عتيد قديم.

لقد ميز هذا الفضاء، وأظنه يقصد ذلك، ميز بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة حين انتصر لهذي ومنحها كل ماهو متاح لتعبر عن نفسها، ظهرت سلطة الثقافة الخفية والخفيفة و الناعمة حيث مضت كصباح بنوره الأزلي وهو يكشط ويقشع طبقات البهتان والزيف والتملق والبذاءة التي كرستها ثقافة السلطة، لم تهزم بالطبع ثقافة السلطة ومازالت تسود وتحكم ولكن بانت عورتها وتبدت هشاشتها، هي اليوم تملك ولا تحكم وتصاغر مثقف السلطة ليأخذ حجمه الضئيل الحقيقي.

 لقد وفر وهيأ هذا الفضاء لأقلام ظلمت بالتعبير عن نفسها أو بالأحرى عن ثقافة أخرى، تبدو بعض أخطائها كأفضل فضائلها، فضيلة الحقيقة والعمل والدفاع عنها وعن نشرها.

 هذه العدالة الغامضة انتهت حين قام الذكاء الصناعي بسرقة مواهبنا الصغيرة وحيلنا القديمة وخبراتنا التي هي كل حياتنا وما نملك، وتوفيرها لسلطة أخرى هي سلطة التفاهة.

 كنت أراقب في الفترة الأخيرة كيف يكتب البعض وأنا أعرفهم وأعرف حدودهم وأغلاطهم، ولو يعلمون كم هي أجمل من أثر هذا الذكاء على أفكارهم، لقد فعل الذكاء الصناعي ما فعلته عمليات البلاستيك سيرجري بالجمال الطبيعي.

 قد يقول قائلون بأنها سمة العصر وأنا أقر بذلك، لكن ثمة موقف في كل سوء فهم أو مظلمة، الموقف السليم هو الإضراب، مثلما قاطعنا وقاطعتنا صحف السلطة وثقافة السلطة، علينا مقاطعة هذا التحول الاستحواذي والسرقة التي شرعنتها سلطة جديدة هي الأكثر خطورة مثلما هي الأكبر هيمنة وهي سلطة الذكاء الصناعي حيث تدور المعارك الكبرى حول الاستئثار به.

 ماذا نفعل غير الصمت وهو سلاحنا القديم، ليس بين يدينا غير العودة للقديم، عودة نوستالجية في عالم لا يفرق بين تفاهته وعظمته أو هو يخلط قاصدا بين التفاهة والأبهة، سنعود إلى مسجلة الكاسيت القديمة بشريطيها المزدوجين لنسمع داخل حسن ونجاة الصغيرة، سنعود إلى تخوت المقاهي المعتقة، نتهالك فوق حصرانها المتهرئة للبحث عن أغبياء طبيعيين أو ناجين آخرين من محرقة الذكاء الصناعي، سنعود إلى الكتب القديمة، إلى أبطال غادرناهم وهم لم يحسموا نصرهم أو هزيمتهم، سنقاطع حتى قطع النفس الأخير.

 


مشاهدات 67
الكاتب كامل عبدالرحيم
أضيف 2025/05/17 - 2:42 PM
آخر تحديث 2025/05/20 - 2:11 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 786 الشهر 25601 الكلي 11019605
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير