الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إختراع الذهبي

بواسطة azzaman

إختراع الذهبي

مصطفى عبد الحسين اسمر

 

الذهبي هذا كان احد اختراعات العصر الحديث في العراق فترة التسعينات كان مجرد جهاز فديو كاسيت عادي عندما اخبرنا صديقنا و ابن الحي (وسيم ). هذا الفتى الأسمر القمحي النحيف.اذاع خبر انتشر عند الجيران كافة ان اهله اشتروا جهاز فديو كاسيت من احد الجنود المشاركين في غزو الكويت  و كان الجهاز لونه ذهبي فأسميناه بالذهبي لان لونه كان اصفر ذهبي .وسيم كان احد أبناء الحي يلعب كرة القدم و باقي الالعاب الشعبية القديمة لكن يومها لم يخرج من البيت طوال يومين و اليوم الثالث كان وسيم يقف عند عتبة بابهم نادينا عليه لكن لم يستجيب لنا وقال احدنا (وسيم تعال و انضم للعب معنا) فقال(اسف انا انتظر ابي انه سيحضر معه كاسيت ايجار فلم اكشن لبروسلي ) الجميع  تسمر مكانه و قلنا بروسلي  ...بروسلي

الجميع تحسر وتمنى لو انه يملك جهاز فيديو مثله وانا اولهم .

فطرحت الموضوع على امي و ابي وقت الغذاء و قلت لهما وسيم ابن جيرانا اشتروا  اهله فديو بالرغم انه ضعيف بالدراسة و انا افضل منه و لم احصل على فديو فضحك ابي وردت الجواب امي ان (وسيم ولد على أربعة بنات و حالة اهله المادية جيدة اما ابوك رجل كاسب بسيط يعمل في بيع الملابس المستعلمة) فقلت لهم اذن كيف لي ان اشتري فديو فقال لي ابي  (وفر من مصروفك و مع العيديات في الفطر و الأضحى بذلك ستحصل على واحد ).جلست اجمع و اطرح وجدت نفسي اشتري فديو وفق حسابات ابي بعد 70 سنة .

واصبح وسيم أيقونة الحي  جميعنا نريد خاطره، اصبح الامر الناهي وخاصة في كرة القدم بعدها صرح انه سيسمح لنا بمشاهدة الأفلام على الفيديو الذهبي مقابل  مبلغ من المال أي اشبة بتذكرة السينما .وافقنا  لكن كان لوسيم شروط من لا يدفع لا يشاهد الأفلام له الحق في طرد أي واحد و حتى صفعه حتى  تجمعنا امام بيت وسيم وكان علينا جميعا غسل اقدامنا و الاستحمام و لبس الأحذية او الشحاطات لان ام وسيم كانت تحرص على ان يكون  بيتها انظف بيوت الحي . تجمعنا على شكل طابور ووسيم ادخلنا واحدا واحد في غرفة المعيشة  و بهدوء جلسنا ووسيم يجلس امام الصف و هنا يحضر احد أصدقائنا دخل بسرعة الى بيت وسيم جاء متأخر وهنا وسيم قال له ببرود هل لديك نقود  حق مشاهدة الفلم المسكين كان ابوه موظف فراح من الخجل يمسح بيده على السجادة  لكن وسيم كان قاسي القلب و اناني فطرده وكانه ليس احد جيرانهم .المسكين خرج وهو يمسح دموع الحزن  من على خديه و نحن لم ندافع عليه  انما ايدنا فعل وسيم . الفيلم كان لبروسلي كان منبهرين هذا الجهاز الذهبي المركب على التلفاز يمكنك ان تشاهد ما تريد من الأفلام و المسرحيات  اثناء وصول الفيلم  الى المنتصف اغلق وسيم الذهبي، اعترضنا وقالنا (لماذا يا وسيم؟ دعنا نكمل الفلم بيننا اتفاق) فقال (كلا يجب ان تدفعوا نفس السعر حتى تكملوا الفلم). لم نكن نملك خيار فدفعنا  مرة أخرى و امرنا الى الله  لاجل عيون بروسلي لا حبا  بوسيم . كل فترة كان وسيم يضع شروط مذله فقط كي نشاهد فلم اكشن كلاسيكي لكن لكل بداية طاغية نهاية .اخبرنا وسيم انه اجر كاسيت مسرحية شاهد ما شاف حاجة تلك المسرحية الخالدة العظيمة لبطلها عادل امام. شرط وسيم ان ندفع ضعف الفلم مرتين، وافقنا لكن هذه المرة اخبرناه اننا لن ندفع مقدما حتى لا تغدر بنا انما سندفع بعد انتهاء عرض المسرحية  تم الاتفاق هذه المرة حتى ابن الموظف كان احضر معه حق تذكرة المسرحية  .الكل كان مستعد لمسرحية عادل امام  وسيم شغل الذهبي و اسرع وجلس امام الصف كالعادة ، لكن الذهبي لم يعمل مثل كل مره ،حاول نادى امه التي غضبت وقالت خربت الجهاز وهي تحاول  تشغيل الذهبي،انفجر مطلقا شراره ذهبية و ام وسيم تصرخ و تطردنا و نسمع صراخ وسيم و بسبب ضرب امه له  عدنا الى حياتنا اليومية و انتهى عهد الذهبي فلم يعد يتحكم بكرامتنا  .وسيم غاب عن للعب يومين فقط يشاهدنا ونحن  نلعب لكن ناديناه ليعلب معنا و عاد بسيطا مثلنا  .

تطور الذهبي الى  سي دي ، دي في دي  ستلايت و أخيرا الموبايل الذهبي و السلفري  وكافة الألوان والاسماء و الماركات  وكل واحد يتباهى بهاتفة الجديد مثل وسيم ابن الحي  مع  العلم ان هذه مجرد اختراعات للترفيه و تساعد الانسان لا للتكبر .

 


مشاهدات 122
الكاتب مصطفى عبد الحسين اسمر
أضيف 2025/07/23 - 3:05 PM
آخر تحديث 2025/08/04 - 3:06 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 730 الشهر 3675 الكلي 11298761
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/8/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير