الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحكومة وشعارها الذهبي.. جد شغلة إضافية وستنعم بدخل كاف

بواسطة azzaman

الحكومة وشعارها الذهبي.. جد شغلة إضافية وستنعم بدخل كاف

أحمد جاسم الزبيدي

 

يبدو أن النكات، يا أحبتي، ليست مجرد وسيلة للضحك، بل أصبحت في بلادنا أعمق من التحليل السياسي وأكثر صدقاً من بيانات الحكومة. وأنا، كما تعلمون، من عشّاق الطرائف—السياسية منها والماجنة والحارة والمعتّقة—لأنها المتنفس الوحيد لشعوب تُغلق بوجهها كل النوافذ وتترك لها فقط «شباك السخرية» مفتوحاً على استحياء.

في زمن الطاغية، كانت النكات تُطلق بترخيص رسمي من قسم خاص في المخابرات! مهمته: صناعة النكتة، وترويج النكتة، وخصوصاً تلك التي تسخر من أهلنا في الناصرية أو إخوتنا الأكراد. تخيّلوا… حتى الضحك في العراق كان «مركزي المنشأ «.

وخلال دراستي في الاتحاد السوفييتي عشت العصر الذهبي لنكات بريجنيف، حيث الروس مولعون برفع الأنخاب أكثر من ولعنا نحن برفع الأسعار. إحدى تلك الطرائف لا تزال عالقة في ذاكرتي:

يرفع أحدهم كأسه ويقول:

لنرفع نخب لينين، مفجّر الثورة!

ونخب ستالين، المنتصر على الفاشية!

ونخب خروتشوف، مُعدِّل الدستور!

ثم يرفع كأسه أعلى من الجميع ويقول:

ولنرفع نخب بريجنيف… الذي اكتشف الحقيقة الخالدة: لا يمكن العيش براتب واحد!

ممارس رياضة

ضحكنا يومها، ولم نكن نعلم أن تلك النكتة ستهاجر إلينا وتطلب اللجوء السياسي في العراق.

من أيام قليلة شاهدت لقاءً للمطرب الكبير رضا الخياط، صاحب الأغنية التي غنتها الأجيال بحب «جنّة… جنّة… جنّة يا وطنّه». الرجل كان يتكلم ودمعته تسبق كلمته، لأنه يستلم 300 ألف دينار فقط، ويطلب—بخجل الفنان وخوف المواطن—أن يرتفع راتبه إلى 500 ألف… نصف مليون لا أكثر!

نصف مليون في زمن مليارات النفط ومعجزات الموازنات.

ولدي ابن أخت يعمل في ثلاث وظائف كي ينجو من الغرق في بحر الأسعار، وكأنه يمارس رياضة «العمل المتواصل» ضمن أولمبياد الحكومة. وغير ابن الأخت… الآلاف. وغير الآلاف… الملايين. وكلهم يرفعون الأنخاب في صمت، ولكن فوق رؤوسهم وليس بكؤوسهم.

فلنرفع إذن—على الطريقة الروسية—كأساً متخيلاً،

ونقول:

عاشت الحكومة… الحكومة التي جعلت الموظف يعمل بأكثر من عمل،

ويصرف أكثر من جهده،

ويأكل أقل من دخله،

ثم تطلب منه أن يشكرها لأنها لم تقطع راتبه الوحيد

بل شجعته على أن يملك ثلاثة!

هنيئاً لكم

حكومة لا تؤمن بالرواتب،

لكنها تؤمن إيماناً عميقاً بالمعجزات.

مع تحياتي… ونخب جديد يُرفع على شرف صلة المواطـــــــــــن براتبه… إن بقي منه شيء!

 

 


مشاهدات 56
الكاتب أحمد جاسم الزبيدي
أضيف 2025/12/13 - 4:05 PM
آخر تحديث 2025/12/13 - 10:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 768 الشهر 9811 الكلي 12793716
الوقت الآن
السبت 2025/12/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير