إيران والرد المنتظر

مجاشع التميمي

في وقت يترقب العالم خبر الرد الإيراني على جريمة قتل إسماعيل هنية، يحاول أغلب مؤيدي إيران ومناصريه بمن فيهم المراقبون والسياسيون والناشطون ضمن محور المقاومة، سحب طهران لمواجهة مباشرة مع أمريكا وإسرائيل، من حيث يعلمون أو لا يعلمون.

هؤلاء يعتقدون أن التفكير لدى القيادة الإيرانية هو ذاته لدى الأنظمة العربية الثورية الذي يتخذ القرار فيها بلحظة حماسية من قائد “ضرورة”، متناسين أن القرار في إيران يمر بمراحل عدة قبل أن يصل إلى المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الأخيرة في مثل هذه القضايا.

اليوم، مؤيدو إيران يريدون أن يكون ردها محو إسرائيل، واستئصال هذا الكيان من الأراضي العربية، تدفعهم بذلك العاطفة التي تتغلب عندهم على لغة المنطق الذي يقول خلاف ذلك، فالكيان الغاصب تقف وراؤه مائتا دولة ونظام حول العالم، في مقدمتها الولايات المتحدة، متسلحين بتقنيات عصرية رقمية، لا ينافسها فيها أحد، وأن هذه الحقيقة تضع القيادة الإيرانية في حرج كبير، وأنها تعلم حدّ اليقين أن الرد العسكري سيكلفها ما تبتغي إسرائيل تحقيقه، وتتخذ منه مسوغاً للرد ربما يودي بمنشآتها النووية التي استغرقت سنوات من العمل والتحدي، وكلفته أثماناً باهظة من العزلة والعقوبات الدولية.

كما أن سيناريو الرد الإيراني المباشر، يمثل تحدياً أمام رئيس وزراء الكيان الصهيوني، الذي يعمل على إطالة أمد الحرب في غزة، وتبرير جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، من أجل الحفاظ على مستقبله السياسي، فهو يسعى بكل ما أوتي من قوة ودعم دولي لإضعاف حماس وتجريده من قوة السلاح ودعم محور المقاومة، وبالتالي تحقيق هدفه الاستراتيجي في ضم القطاع الى الأراضي المحتلة، ليشكل بذلك نصراً مزعوماً وعلامة فارقة في تاريخ الاحتلال الذي يمتد  لأكثر من خمسة وسبعين عاماً.

الخلاصة، فأن إيران التي نهضت تواً من كبوة فقدان رئيسها وفريقه في حادث سقوط الطائرة، بدأت تشعر بحرج من إمكانية رد يرتقي الى جريمة قتل هنية على أراضيه، واختراق سيادته وأمنه، مع الأنباء الأخيرة التي تحدثت عن ان عملية الاغتيال تمت بعبوة ناسفة او مقذوف أطلق من مكان قريب في الداخل الإيراني، ليضاف بذلك الى قائمة الاستهدافات والاختراقات المتكررة لأمنها القومي الذي طالما عرف بصلابته وايمانه بأن إيران ستكون الأقوى في المنطقة.